الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أسيراً، وزيراً، شهيدًا، عليك السلام

نشر بتاريخ: 2017-12-10 الساعة: 09:35

عماد الأصفر يعود تاريخ إصدار هذا البوستر إلى نهاية السبعينات من القرن الماضي، أيامها لم تكن تخلو نشرات الأخبار من ذكر تفاصيل وتطورات قضية هذا الشاب الجميل المعتقل وقتها بالولايات المتحدة الامريكية. 
كان عمره 17 عندما إعتقله الاحتلال لأول مرة بسبب إنخراطه في صفوف حركة فتح، وتولي رئاسة اتحاد الشباب الفلسطيني، أفرج عنه، لكن الموساد ظل يتابعه حتى عندما سافر إلى الولايات المتحدة، وبعد عامين من إعتقاله الأول، وبطلب من اسرائيل، اعتقلته السلطات الأمريكية بتهمة تنفيذ عمليات مسلحة أدت إلى قتل وجرح اسرائيليين. 
وعلى مدى 3 سنوات قضاها زياد أبو عين في سجن شيكاغو، تحولت مطالبة اسرائيل بتسلمه إلى قضية رأي عام حركت الضمير العالمي، وأشعلت المظاهرات في شتى عواصم العالم، ولأجله عقدت هيئة الأمم المتحدة ولجان حقوق الإنسان والجامعة العربية عدة اجتماعات، واستدعت أكثر من دولة سفير الولايات المتحدة لديها للاحتجاج على اعتقاله والنوايا المبيتة بتسليمه لإسرائيل.
خلال ذلك خاض أبو عين مجموعه من الإضرابات عن الطعام، وهو ما جعل الولايات المتحدة تخشى على سمعتها ان فارق الحياة في سجونها، خاصة وإن قضيته أصبحت قضية رأي عام، وحين رفضت السلطات الأمريكية السماح لطبيب من الصليب الأحمر الأمريكي بزيارته، صمم على مواصلة الإضراب المفتوح عن الطعام، وطالب بحضور طبيب من الهلال الأحمر الفلسطيني، وهذا ما كان، حيث أرسل الرئيس الشهيد ابو عمار طبيب مستشفى عكا ببيروت خصيصا لمعاينته.
صدرت لصالحه سبعة قرارات من هيئة الأمم المتحدة تطالب واشنطن بالإفراج عنه، إلا أن الولايات المتحدة عمدت إلى تسليمه لإسرائيل عام 1981 حيث اقتيد وسط حراسات مشددة للتحقيق، وكان أول فلسطيني يسلم لإسرائيل.
تطوع عدد كبير من المحاميين الدوليين والعرب والفلسطينيين للدفاع عنه، ورأس الفريق رمزي كلارك وزير العدل الأمريكي السابق، ولكن إسرائيل حكمت عليه بالمؤبد في عام 1982 رغم أنه لم يعترف بالتهم المنسوبة إليه، وذلك تبعا لما كان يسمى قانون تامير.
كان على رأس قائمة الأسرى المطلوب تحريرهم في عملية التبادل عام 83 19، ولكن وخلال عملية التحرير والترحيل، قامت وحدة من المخابرات الاسرائيلية بإختطافه من مطار اللد مما أحدث أزمة كبيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والصليب الأحمر الدولي من جهة، والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.
وعندما حضر رئيس الصليب الأحمر الدولي للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق شامير آنذاك للمطالبة بالإفراج الفوري عن أبو عين وتسفيره معه إلى جنيف، كان رد شامير "ليس هناك أخلاق بيننا وبين (المخربين)، ونحن قمنا بتبديل زياد بسجين آخر"، مما حدى بالصليب الأحمر إلى التوجه إلى جنيف واستصدار قرار من مجلس حقوق الانسان بإجماع دولي شامل ما عدا أمريكا واسرائيل لإلزام قوات الاحتلال الإفراج الفوري عن أبو عين.
بعد ذلك كان أبو عين ضمن 36 إسما ترفض سلطات الاحتلال تحريرهم في صفقة تبادل جديدة، وأدى هذا الرفض الى تأخير الصفقة لعام ونصف العام، تدخل بعدها المبعوث النمساوي لإبرام اتفاق ضمن اطلاق سراحه وتلبية طلبه بالبقاء داخل الارض المحتلة رغم التهديدات بإعادة اعتقاله. 
بعد شهرين فقط من الإفراج عنه، أعيد اعتقاله إداريا ضمن سياسة القبضة الحديدية بأمر شخصي من رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك اسحق رابين، منع من السفر عدة مرات، وأعيد اعتقاله كذلك عدة مرات خلال الانتفاضات المتلاحقة، وكان آخرها يوم اعتقال مروان البرغوثي عام 2002. 
في الأوقات المستقطعة بين عدة اعتقالات بلغ مجموعها 13 عاما تزوج أبو عين وأنجب أربعة أبناء، وتولى مسؤوليات تنظيمية متقدمة داخل حركة فتح وكذلك مناصب رفيعة في السلطة كان آخرها رئاسة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان برتبة وزير عام 2014.
استشهد زياد أبو عين يوم 10 كانون الأول 2014 عن 55 عاما، نتيجة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه بالضرب وبقنابل الغاز خلال تظاهرة في بلدة ترمسعيا برام الله. 
للولايات المتحدة تاريخ طويل في نصرة اسرائيل، على حساب الآخرين مهما كان مقدار حقهم، كلنا بات على قناعة بذلك، هذا التاريخ تم التأسيس له بجهد ولم يأتِ عبثا، وفِي مواجهته لا بد من جهد منظم وفاعل، جهد يستطيع التغلب على التفوق الاسرائيلي، ولعل نقطة الإنطلاق يجب أن تكون من الإيمان بامكانية التفوق ولو على المستوى الفردي باستخدام غلبة الموقف الأخلاقي والإنساني.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024