الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ما أصعب أن تكتب عن غزة!!

نشر بتاريخ: 2023-10-26 الساعة: 13:18

 

هلا سلامة*


ما أصعب أن تكتب عن غزة!! مدينة قُدر لها ان تُنكب على مدار الزمان حيث لا يتوقف الحقد والغدر بحق أهلها وهم كمن كُتبت عليهم الخطا فمشوها وهم العالمون أن منيتَهم في تلك الأرض التي تخضبت بدمائهم البريئة وما ارتوت وهم من هم ولماذا هم والى متى هم؟!

ما أصعب ان تكتب عن غزة وأنت عاجز امام شاشات التلفزة الصغيرة ان تخفف من صوت هدير الطائرات أو أثقال أسلحتها التي تتهاوى فوق رؤوس أطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها وتحصد أجسادهم وأرواحهم وأحلامهم بالحياة التي يستحقونها.

ما أصعب أن تكتب عن غزة وأنت اليوم أمام فلسطين كل فلسطين بنكبتها الثانية بعد الأولى، أي بعد خمسة وسبعين عاما من الحروب والقتل والتشريد واللجوء، وقد عجزنا كعالم ومجتمع دولي أن نحقق شيئا من الجدية في منح الفلسطينيين الحماية والحقوق المشروعة بموجب المواثيق والشرائع الدولية التي كفلتها لهم.

ما أصعب ان تكتب عن غزة وبعضنا تسارع في التكنولوجيا وحيازة أسلحة الدمار كي نقتل بعضنا بعضا، وبالتوازي نتقهقر في انسانيتنا التي بات التطرق لها مستعصيا، ناهيك عن التأويلات والتخوينات والمكاييل التي نزج بها، وكيف تُفرق مشاهد الإنسانية وكأن أمهات غزة يختلفن عن أمهات العالم بعاطفتهن على فلذات أكبادهن وهم يتودعون في برهة من الزمن العصيب، تحت أنقاض غرفهم التي تختزن ذكرياتهم الجميلة والأليمة.  

ما أصعب أن تكتب عن غزة وأهلها ينامون عطاشى وجياعا والنعاس مستقر في أهداب عيونهم والخوف يملأ قلوبهم، ينتظرون فجر صباح جديد يوقف بعثرة ريش أعمارهم، وفقط كي ينتصر الجاني، وأي نصر يحققه على اشلاء المدنيين الأبرياء الذين لن يغيروا في معادلة الحرب سوى انهم يزيدون بلحمهم الحي وقود المحرقة المستعرة عليهم، هكذا ينتصر الجاني! 

ما أصعب ان نكتب عن غزة والضمير على أعتاب مزبلة التاريخ، فليس اكثر مما هم فيه من وحشية ودموية، وحيث كلمة الحق مسحوقة في عالم مهدد بالانقسام الأخطر سياسيا واجتماعيا وعقائديا ودينيا. ماذا ترانا نكتب عن غزة وأكفان غزة تولت عنّا، كتبت ومهرت بالدماء تاريخ المدينة الثكلاء والمستقبل القاتم للشرق الأوسط الجديد! للعالم بأسره! فهلّا سامحتنا غزة؟

 

* صحفية لبنانية

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024