الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مالم يدخلوا جادة السلام ؟!! 

نشر بتاريخ: 2023-07-23 الساعة: 09:53

 

 موفق مطر 

 لابد من التأكيد أولا أن الصراعات والتناقضات البارزة  بقوة هذه الأيام لدى المجتمع السياسي الاسرائيلي سببها الرئيس - كما نعتقد – اندفاع المجتمع السياسي الاسرائيلي الى متاهات الأحزاب المتطرفة المعادية لمجرد فكرة السلام مع الشعب الفلسطيني ، والعاملة بكل قوة على تكريس مفهوم تفوق اليهودي ، ومقولات " ارض الميعاد " و"الدولة اليهودية"  و" شعب الله المختار " فالتناقضات التي ينذر المراقبون  الاسرائيليون ذاتهم بانعكاس شرها وشرارها مباشرة على الشارع الاسرائيلي ، ازدادت حدتها ، مع ازدياد قوة وصلابة الموقف الوطني الفلسطيني ،  وومع ازدياد قدرة القيادة السياسية للشعب الفلسطيني على تضييق مساحة الفضاء الدولية التي كانت تلعب بها  المنظومة بكامل راحتها ، حتى اللحظة التي قرر فيها دماغ ومفكر القيادة الفلسطينية فتح ميدان للنضال القانوني والسياسي ضد منظومة الاحتلال في المحافل الدولية والأممية ، الأمر الذي ادى الى تصادم برامج الأحزاب الاسرائيلية السياسية ، وسقوط قناع الديمقراطية ، وانكشاف عورة الأحزاب على الوانها ومسمياتها وعلى رأسها المتمظهرة بثوب العلمانية ! الى أن سيطرت أحزاب الصهيونية الدينية على الحكومة ومركز تشريع القوانين ( الكنيست ) ، فرأى العالم ( اسرائيل ) على حقيقتها بدون تجميل أو زخرفة الدول الاستعمارية التي مررت مشروع انشاء اسرائيل كقاعدة استعمارية عنصرية تحت شعار " الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط " لذا لم يكن مستغربا تداعي الكونغرس الأمريكي لإصدار قرار باعتبار "اسرائيل دولة غير عنصرية " رغم جلاء ووضوح نصوص القوانين العنصرية التي شرعها كنيست المنظومة  ومنها " قانون القومية " على سبيل المثال لا الحصر ، وكأن صاحب المنشأة يسعى للتمويه على خطايا (المستخدمين لديه ) الذين سببوا له الحرج ، لكنه عالج الموضوع حسب المثل الشعبي عندنا " جاء ليكحلها فعماها " فالكونغرس الأمريكي لا يمنح شهادة للمستخدمين لدى دولته الاستعمارية التي قررت انشاء وطن لليهود في فلسطين وحسب ، بل لكبح جماح مؤسسات القانون الدولي من الاستمرار في تعرية  الوظيفة الاستعمارية لإسرائيل ، وفضح نظامها المعادي للقوانين والشرائع والأعراف الدولية ، وبذات الوقت تكذيب تقارير أصدرتها منظمات دولية ( اممية )  مثل تقرير منظمة العفو الدولية التي اعتبرت قوانين إسرائيل وسياساتها وممارساتها ضد الفلسطينيين في إسرائيل، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بأنها وصلت  إلى حد الفصل العنصري. حيث  فرضت "نظاما مؤسساتيا من القمع والهيمنة على السكان الفلسطينيين لصالح الإسرائيليين اليهود". علما أن  الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية في القانون الدولي. أما حرص رئيس الادارة الأمريكية جو بايدن على وصول المجتمع السياسي في اسرائيل الى  احسن درجة من التوافق على ما يسمى قانون التعديلات القضائية ، فإنه أتى في سياق حرصه على ألا يشوب كيان القاعدة المتقدمة في الشرق الأوسط أي ضعف قد يؤثر على اداء وظيفتها بالمستوى المطلوب وتحديدا في خضم ارتفاع مؤشر المواجهات المباشرة بين روسيا والصين وإيران في الشرق والناتو بما فيه الولايات المتحدة الامريكية في الغرب ، مواجهة قد تمتد لتشمل الشرق الأوسط  وهنا يكمن دور اسرائيل العسكري الرئيس والأهم ! . 

 قد يكون مبكرا الحكم على نتائج وتداعيات الحراك في الشارع الاسرائيلي ، الذي مالم يدخل جادة السلام بعد اطاحة مشروع الحرب الدينية التي تعمل على اشعالها الصهيونية الدينية في المنطقة بقيادة نتنياهو الليكود ، فإننا سنبقى على قناعتنا بأنهم  على سفك دمائنا يتنافسون .  

التعديلات القضائية التي ينوي تحالف الليكود برئاسة نتنياهو وأحزاب الصهيونية الدينية  برمزيها بنغفير وسموتيريتش ليست إلا لتكريس الهيمنة على المجتمع السياسي تحت عنوان الانتخابات الديمقراطية وصندوق الاقتراع ، وتأبيد السيطرة على الحكم ، لتنفيذ خطط مشروع المنظمة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية الاحتلالية العنصرية ، التي لا تقر ولا تعترف للشعب الفلسطيني بأي حق في ارض وطنه فلسطين ، ولا تعترف بكيانه السياسي أو بممثله الشرعي والوحيد ، وهذا ما دعا سموتيرتش الوزير في حكومة نتنياهو الى التصريح بأنه سيقترح على الحكومة " تبني قرار باعتبار الاعمال السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية عدائية " وهذا مانعتبره من ناحيتنا شهادة تقدير على مدى تألم ووجع رؤوس هذه المنظومة من النضال السياسي القانوني الدبلوماسي للقيادة الفلسطينية في المحافل الأممية والدولية ، حتى وإن رأينا فيه بكل وضوح مشروعا لسحب اسرائيل اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية  باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، ولا يغيب عن بالنا أبدا أن مسعى الليكود والصهيونية الدينية للهيمنة على المجتمع السياسي وإخضاع سلطة القضاء ، مرتبط بالتحولات الجذرية في سياسات حكومات الاحتلال بعد اغتيالها اتفاق اوسلو ، وكل الاتفاقيات المعقودة مع منظمة التحرير الفلسطينية برعاية الدول الكبرى ، وتحديدا الدائمة في مجلس الأمن الدولي ، وقد يكون انشغال العالم بما يحدث في اوكرانيا ، والتوتر بين روسيا ودول الناتو فرصة ثمينة ، لتحقيق اهداف الصهيونية الدينية ببسط السيطرة على كل فلسطين وتهويد مقدساتها ، فهؤلاء يظنون ويعملون ويشتغلون ليلا نهارا وكان أرض فلسطين المقدسة بلا شعب يفتديها !!  
 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024