الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نحن وتسارع الأحداث بين الوقائع والأستحقاقات

نشر بتاريخ: 2023-06-18 الساعة: 13:30



الكاتب: مروان أميل طوباسي

تتسارع الأحداث على كافة المستويات ، وتزداد وتيرة الزيارات بين مسوؤلي الدول المختلفة فيما بات يؤشر لبدايات عالم جديد بعيدا عن الهيمنة الأمريكية وخلق توازنات عالمية جديدة .

فالعالم يتغير باتجاه النظام الدولي الجديد متعدد الاقطاب ، بعد أن أصبح التمرد واضحا بحق الهيمنة الأمريكية وأحادية احتكار القرار الدولي .

أمريكيا من جهتها تحقق خسائر في مسار علاقاتها مع دول مختلفة وتتراجع في مواقع دولية اخرى ، لكنها تحاول من خلال سياساتها التكتيكية المتغيرة الحفاظ على هيمنتها لأهداف سياساتها الخارجية الثابتة ، خاصة مع دخول موسم الانتخابات الرئاسية بطرفهم .

والاتحاد الأوروبي من جهته يتنازل عن دور أوروبا التاريخي لصالح الولايات المتحدة بل ويتورط في خدمة المشاريع الامريكية ان كان بما يتعلق باوضاع اوروبا وتحديدا الحرب التي تخوضها الاولايات المتحدة بالوكالة من خلالهم ضد روسيا الان ، او بما يتعلق بتبعية المواقف الامريكية بشان المتغيرات الجارية بالعالم العربي والتموضعات السياسية الجديدة وهذا ما عكسته تصريحات بوريل وفان ديرلاين بالايام الماضية ان كان بشان قضية شعبنا او حول الشأن السوري . يجري ذلك في غياب قيادات أوروبية تاريخية وازنة تحقق لأوروبا قراراها المستقل ومصالحها وتنطلق من المبادئ القيمية والاخلاقية المفترضة للأوروبين والاتحاد الأوروبي في معالجة القضايا الدولية ، بدل التنازل الجاري عن الدور الأوروبي لصالح الولايات المتحدة .

وحتى لا نكون عبثيين، علينا أن نرى ايضا المتغيرات الجارية بالمجتمع الأمريكي نفسه بما فيه من مكون يساري داخل الحزب الديمقراطي واوساط اخرى تقدمية وبعض المنظمات اليهودية تتعلق بالمواقف من الصهيونية ودولة الاحتلال الاستعماري والابرتهايد . كما ايضا حركات شعبية وحزبية واسعة في أوروبا تعلن تضامنها اليومي مع قضايا شعبنا في مواجهة الاحتلال وافرازاته المختلفة .

اما بالعالم العربي ، فهنالك مؤشرات على وجود استراتيجية عربية جديدة تنطلق الآن في موازاة بدايات ملامح النظام الدولي الجديد . حيث يتلخص ذلك بعدد من قرارات قمة جدة بعودة أولوية الأهتمام بالشان الفلسطيني ورفض سياسات التطبيع قبل إنهاء الاحتلال ، عودة سوريا الى جامعة الدول العربية وعودة العلاقات الدبلوماسية البينية العربية معها ، انهاء حرب اليمن التي تركت اثارا مدمرة على الشعب اليمني ولم تحقق بالنتيجة شيئاً وفق ما اراده الغرب ، اضافة الى المصالحة السعودية الإيرانية وتمددها لدول اخرى ورفض السعودية للضغوطات الأمريكية للتطبيع مع دولة الاحتلال مما تسبب بعدم اكتمال مشروع اتفاقات ابراهم وفق ما كان مخططا له ، كما وسقوط فزاعة العدو الايراني للأمة العربية . هذا بالإضافة إلى رفض المطالب الأمريكية المتعلقة بانتاج النفط وعضوية روسيا في منظمة اوبيك بلس ، وما تبع ذلك من تراجع بلينكين أمام لقاء مجلس التعاون الخليجي حول عدد من القضايا ومنها الموقف العربي من قانون قيصر بحق سوريا أو العقوبات على روسيا . تمرد على تاريخ طويل من العلاقات مع الولايات المتحدة التي كانت قائمة على فكر الاستعمار بمختلف أشكاله بحق القرارات العربية ، الأمر الذي يتوجب برأيي استمراره والبناء على تلك التوجهات الجديدة وزيادة أشكال التضامن العربي واشاعة الديمقراطية واعتماد سياسات اقتصادية تنموية للحد من الفقر ، لامكان مواجهة الضغوطات القادمة المحتملة .

ومن جانب اخر يتسع انفتاح العرب على الشرق ، وتحديدا مع الصين وروسيا ، الأمر الذي قد يكون له علاقة بمصادر الثقافة الشرقية ومكوناتها كما وفهم الدور الأمريكي في أوضاع الدول والشعوب ، مما اتاح تمدد دور البلدين في العالم العربي للبحث عن المصالح المشتركة في مواجهة الهيمنة الأمريكية المتراجعة من خلال أشكال مختلفة من العلاقات اعتمدت على توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية وتعاون بقطاعات مختلفة كان آخرها امس حين وقع الرئيس أبو مازن مع نظيره الصيني تلك الاتفاقيات والتي توجت علاقات تاريخية طويلة امتدت لاكثر من ستة عقود مع انطلاقة ثورتنا الفلسطينية ، كما والاعلان عن المبادرة الصيتية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وهي على ما يبدو تعتمد استراتيجية صينية جديدة لحل الصراعات وفق ما جرى بين إيران والسعودية ، وهذا ما يعزز الدور الصيني القادم في قضايا وتحولات الشرق الأوسط.

الجزائر من جهتها تنفذ من خلال رئيسها تبون توقيع اتفاقيات استراتيجية مماثلة مع الرئيس الروسي بوتين خلال الزيارة التي يقوم بها الرئيس الجزائري والذي تعتبر بلاده اهم شركاء روسيا بالمغرب العربي ودولة منتجة للنفط والغاز ومشاطئة للبحر الأبيض الذي يرغب الروس بتوسيع حضورهم فيه الى جانب شواطئ سوريا .

من جهة اخرى يقوم الرئيس الايراني منذ اسبوع بجولة واسعة بالقارة اللاتينية بعد أن حقق اليسار فيها الفوز بالجولات الانتخابية الأخيرة منهياً مقولة الحديقة الخلفية التابعة للولايات المتحدة .

يرافق كل ذلك التوسع الجاري بعضوية التكتلات الاقتصادية الناشئة مثل البريكس ومنظمة شنغهاي ، والبدء باعتماد العملات الوطنية بدل الدولار بالمعاملات التجارية بين الدول والتي كان آخرها ما اعلنته امس مصر بالخصوص .

حيث تتسارع الاحداث الدولية نحو متغيرات اصبحت تطيح بأشكال النظام الدولي القائم وتحديدا في شأن افول الهيمنة الأمريكية الراعي الاساس لمشروع الحركة الصهيونية من جهة ، ومن جهة أخرى تصاعد التحولات والتطورات الجارية في شكل ومضمون الأحتلال مع حكومته الجديدة القديمة التي تعتمد التصعيد العدواني والأستعماري الإسرائيلي القائم والمُقبل ضد شعبنا وفق ما حددته من رؤية في برنامج ائتلافها الحكومي بخصوص الضم والألحاق والأحلال والحق الحصري لليهود في أرض فلسطين التاريخية وكل ما يرتبط بهذا المفهوم العنصري الصهيوني والتوراتي المزعوم ، من خلال مشروع الحسم المبكر والسيطرة المباشرة على معظم أراضي الضفة الغربية، ومنح شرعية قانونية إسرائيلية للبؤر الاستيطانية كافة، وضم المستوطنات إلى إسرائيل ونقل المسؤولية عن المجالات المدنية من الإدارة المدنية الخاضعة للجيش إلى وزارات إسرائيلية عادية في تكريس واضح للابرتهايد الاستعماري ، حيث

المشروع الاستيطاني الصهيوني يتوسع ويتمدد في حوالي ١٣٠ مستوطنة وبوجود ما يقارب من أقل بقليل من المليون مستوطن ، الأمر الذي أصبح يهدد حقيقة إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس .

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024