الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ما بين سيمحا وبين كاميلا

نشر بتاريخ: 2023-06-12 الساعة: 08:55

 

محمد علي طه

في الكنيست الاسرائيلي نائب يميني متطرف شرس من حزب الصهيونية الدينية اسمه سيمحا روطمان يعتقد أنه الحاكم الأوحد لهذه البلاد وأن كل شيء في الوزارات وفي السفارات وفي البرلمان مباح له، وكلمته هي الأولى ويده هي العليا، ويا دنيا اشتدي ما في حدا قدي، وليس غريبا في هذا الزمن لأن الرجل "شاف شي ما شاف شي" كما يقول مثلنا الشعبي، فقد اختاره ائتلاف السيد نتنياهو في حكومة المستوطنين رئيسا للجنة القانون والدستور، فصارت القوانين الفاشية تمر من بين أنامله وصار يصر على أن تكون لجنة تعيين القضاة مثلما يرغب ويشتهي بعد أن قرأ "كاديش" على الديمقراطية، وكاديش هي الصلاة على الميت عند اليهود، واكرام الديمقراطية دفنها.

دخل الخواجا سيمحا روطمان (وسيمحا معناه فرحان) دون دعوة الى حفل أقامته السفارة الاسرائيلية في واشنطن بمناسبة مرور 75 عاما على قيام إسرائيل. المثل يقول "يا جاي بدون عزيمة، يا قليل القيمة". وعندما توجهت اليه احدى السيدات المشاركة في الاحتفال مؤنبة: "قالوا لك لا تحضر. فلماذا أنت هنا؟ لن نسمح لك بأن تهدم حياتنا!". رد عليها بوقاحة اسرائيلية: "هل أنت مضروبة (بعقلك)؟ من أنت؟" ثم نظر الى السيدة كاميلا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، الشخصية الثانية في الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت تتحدث في الاحتفال وتساءل: "من هذه؟ تعتقد أن دولة إسرائيل ولاية لديها!!؟".

يعتقد سيمحا روطمان أنه أكبر من كاميلا هاريس، وأكبر من رئيسها بايدن، وأعظم من خمسين ولاية أميركية، قشة لفة، بل أهم من الكونغرس ومجلس الشيوخ والبنتاغون ووكالة المخابرات الاميركية والاقتصاد الأميركي والحضارة الأميركية فالرجل لا يصدق ما وصل اليه في هذه الايام، فالدنيا في آخر وقت ونحن في زمن لكع ابن لكع أو في زمن الهرش والتهارش، ومعليش يا أدون سيمحا فالكل، الصغير قبل الكبير، يعرف أنه لولا أميركا ما تحقق حلم هرتسل، وما كانت إسرائيل القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط ولا حاجة أن أكرر ما قاله صحفي اسرائيلي، يعرف الصغير والكبير والمخبا تحت السرير في هذه البلاد، فقد كتب في صحيفة "يديعوت احرنوت" قبل سنوات: لولا أميركا لكنا نأكل الخبيزة في وجبة الغداء.

لا خبيزة ولا علت ولا هليون ولا عكوب لبنت أميركا المدللة التي تفعل ما تشاء وتنال ما تشاء متى تشاء.

غضب السيد سيمحا روطمان على السيدة كاميلا هاريس لأنها دعت في خطابها الى "إبقاء جهاز القضاء الاسرائيلي مستقلا وأن أميركا ستواصل الدفاع عن القيم التي تشكل حجر الأساس في العلاقات الاسرائيلية الأميركية ومنها دعم الديمقراطية والقضاء المستقل" كما تزعم هاريس.

سبع وعشرون ثانية خصصتها السيدة كاميلا هاريس من خطابها لانتقاد حكومة نتنياهو، ويا حرة مع من علقت؟

كان خطاب الست كاميلا من ألفه الى يائه صهيونيا حارا حماسيا مؤيدا الى إسرائيل الابنة المدللة وأكدت فيه على أنها صديقة ممتازة لإسرائيل وللشعب اليهودي، وكي تبرهن على ذلك استشهدت بفقرة من التلمود وذكرت أنها تشعل في بيتها مع زوجها اليهودي شموع "الحانوكا" في عيد الأنوار، وتفاخرت بأنها كانت في طفولتها تجمع التبرعات لصندوق الكيرن كيميت لشراء الأراضي العربية. وكأنها تقول بوضوح: هل هناك في هذه القاعة وفي أميركا صهيوني أكثر مني؟

هذا الكلام لم يكف سيمحا روطمان ولم يكف ايلي كوهين وزير الخارجية الذي وصفها بالجهل وأنها لا تعرف ما يزعجها.

تفوهت كاميلا بكلمات مدتها 27 ثانية. وأميركا هي أميركا. ولولا أميركا ما كانت دولة إسرائيل وما كانت النكبة الفلسطينية. ولولا أميركا ما طال الاحتلال حتى جاء سيمحا روطمان وسومتريتش وبن غفير.

معليش، القضية كلها في داخل البيت، والمسامح كريم مع بنته المدللة، وأميركا هي أميركا.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024