الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القدس وتقريري البنك الدولي والأمم المتحدة للعام 2023

نشر بتاريخ: 2023-05-08 الساعة: 01:43

 

د. عماد عفيف الخطيب


خلال شهري نيسان وأيار صدر تقريري البنك الدولي، الذي يرصد من خلاله الأداء الرسمي المالي والإقتصادي الفلسطيني ما بعد الجائحة، ومسودة تقرير الأمم المتحدة الخاص بالأداء العالمي نحو تحقق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

 عنونت الأمم المتحدة تقريرها: نحو خطة إنقاذ لشعوب وكوكب الأرض ليعكس التوقعات المقلقة إلى أين يتجه العالم في سعيه لتحقيق الإزدهار والسلام المنشود، حيث يستنتج التقرير أنه وبعد ثماني سنوات من التخطيط والعمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عالمياً، فإن المخرجات تُظهر في معظمهاً تباطؤا وتراجعاً في العديد من الأهداف. يشير التقرير أن شريحة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع زادت بحوالي 70 مليون شخص، وأن شريحة الأشخاص الذين يعانون من إنعدام الأمن الغذائي زادت هي الأخرى 179 مليون شخص، جلهم من أطفال يعانون من سوء التغذية. كما يشير التقرير إلى أن شريحة الأشخاص المفصولين عن شبكات الطاقة بلغت حوالي 700 مليون شخص، إضافة لزيادة شريحة الأشخاص الذين يستخدمون مصادر الطاقة الملوثة لتصل لنحو ملياري شخص مع إتساع لشريحة الأشخاص ممن يعانون من غياب الأمن المائي. وفي تقييمه لخطط التعليم المستدامة، فإن التقرير يشير لإتساع الفجوة بشكل كبير بين الدول التي لا زالت تعتمد منظومات التعليم التقليدية وتلك التي طورت قطاع التعليم ليتلاءم مع التطور التكنولوجي، بما يشمل التحول الرقمي والإنتاج المعرفي. ويختم التقرير إشارته لما يواجهه العالم من تحديات التخطيط تنموي ليشير إلى أن ما يزيد عن ربع سكان الكرة الأرضية أصبحوا يعيشون في المناطق المتضررة من النزاعات السياسية والعسكرية ما أدى لزيادة المهاجرين قسراً لنحو 100 مليون شخص فقدوا مقدراتهم وأوطانهم.


أما تقرير البنك الدولي عن حالة التنمية الفلسطينية والذي يستعرض خلاله أداء الإقتصاد الفلسطيني ما بعد التعافي من جائحة كورونا، فهو يستعرض بعضاً من المؤشرات الهامة والجديرة بالتحليل محلياً وعالمياً. يشير التقرير إلى أن معدل البطالة (في الضفة الغربية وقطاع غزة) إنخفض من 26،4% إلى 24،4% ويعزو الإنخفاض إلى إرتفاع أعداد العاملين في الإقتصاد الإسرائيلي، بما يشمل المستوطنات، الأمر الذي أدى بدوره لزيادة التحويلات المالية ودعم إستهلاك الأسر من هذه الشريحة. ولكن التقرير يشير بالمقابل إلى مخاطر الإنحدار لهذا الجانب بسبب الحرب في أكرانيا وتأثر سلاسل التوريد من جهة، وبسبب التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد الأراضي الفلسطينية من جهة أخرى. أما فيما يتعلق بالإيرادات الحكومية، فإن التقرير يشير إلى إرتفاع تحصيل الضرائب بنسبة وصلت 19% مع زيادة في إيرادات المقاصة بنحو 20% على أساس سنوي الأمر الذي يعكس زيادة النشاطات الإقتصادية. وفيما يتعلق بالإنفاق العام فيشير التقرير الى زيادة فاتورة الأجور، مع تراكم كبير لإلتزامات الحكومة لمتأخرات المدفوعات للقطاع الخاص ولصندوق الرواتب التقاعدية، مما يشكل خطراً، إذا ما إستمر، على الإقتصاد الوطني في المدى الطويل.


ما ينصح به التقرير من خطط يشمل إصلاحات شاملة تعتمد التعاون البناء والهادف بين الحكومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وإجراءات إصلاحية تركز على السيطرة على فاتورة البدلات والأجور وتقليصها مع إجراء مراجعة وظيفية لتحديد مجالات التوظيف والتعويضات لخفض ضغط فاتورة الرواتب مع أهمية الإدارة الهادفة للمدفوعات.


إن نظرة تحليلية للتقريرين تقود للتنبأ بأن التحديات القادمة ستتعاظم وهي تتطلب أن يتم تجاوز الخلافات الوطنية وتوجيه الجهود لمواجهة التداعيات السلبية المستقبلية وأخذ العبرة من التقارير الأممية التي تشير بشكل مباشر إلى أن الكيانات التي رهنت إعتمادها على الدعم الخارجي هي من تواجه أشد التحديات التنموية.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024