الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نووي الأمعاء الخاوية

نشر بتاريخ: 2023-03-31 الساعة: 22:53

 

بقلم: الاسير هيثم جابر


على مدار سنوات النضال داخل الأسر، ابتكرت الحركة الأسيرة الفلسطينية العديد من الاساليب النضالية في مواجهة السجان ، الذي كان يتفنن في تعذيب الأسير الأعزل ومحاولة سحق إنسانيته وتحويله إلى مجرد انسان خاوي ومجرد من محتواها النضالي والانساني. واستطاع الأسير الفلسطيني اختراع اساليب نضالية كانت بحجم الإرهاب والإجراءات القمعية التي مارستها ادارة سجون الاحتلال الإسرائيلي ضده، کان من ضمنها سلاح الإضراب عن الطعام، حيث استطاع الأسير الفلسطيني تحصيل وانتزاع حقوقه الإنسانية المشروعة من مخالب السجان الذي لا هم له إلا محاولة إذلال الأسير وإخضاعه وتركيعه.
استطاع الاسير الفلسطيني انتزاع حقوقه المشروعة بداية في ممارسة حقه في القراءة والكتابة وادخال الاقلام والأوراق من خلال معركة "الأمعاء الخاوية" واستطاع ان يكون نداً للسجان وأجبره على احترام الأسير وفرض عليه المعاملة التي تليق بالمناضل الفلسطيني، الذي صنع حالة نضالية مقاومة على مختلف الجهات والساحات .
لماذا نضرب عن الطعام ؟،،
سلاح الأضراب هو سلاح استراتيجي وهو آخر ما يلجأ إليه الأسير بعد استنفاذ كافة الوسائل التكتيكية الأخرى من عصيان واعادة وجبات الطعام اليومية واغلاق الاقسام، الى آخره من إجراءات تصعيدية، لذلك يبدأ اعداد الأسرى من خلال النشرات التوعوية والتعبئة العامة لمواجهة اساليب ادارة السجون لمنع افشال الاضراب.
ان اكثر ما يتم الاعتماد عليه في الانتصار في الأضراب هو ساحة الخارج والمراهنة على ابناء شعبنا في المدن والقرى، لأن ٩٠٪ من الانتصار في الاضراب عن الطعام يتم حسمها في الخارج من خلال الاشتباك المستمر مع المحتل على خطوط التماس وخلق حالة ثورية ونضالية تجبر المتسوى السياسي لدى دولة الاحتلال على اعطاء الضوء الأخضر لمصلحة السجون الاسرائيلية بالاستجابة لمطالب الاسرى ، لأن الأمور من الممكن ان تتدحرج لتصل إلى حرب وجر المنطقة إلى تصعيد خطير قد لا يكون العدو يرغب فيه تماما كما حدث عام 2014 بعد ان اضرب الأسرى الاداريون عن الطعام وتطورت الأمور إلى الحرب مع غزة الحرة.
التحرك في الخارج والاشتباك مع العدو هو العنصر الأساس لانتصار الأسرى فی معركة يخوضونها مع المحتل داخل السجن، وانا أؤكد هنا على اهمية الاشتباك الشعبي من خلال المظاهرات الجماهيرية، لأن الوقفات التضامنية وخيم الاعتصام لا تكفي لانتصار الأسرى.
كما ان اختيار الوقت المناسب لبدء الاضراب من أهم عناصر إنجاحه ، فلا يتم مثلاً اختیار وقت تكون فيه المؤسسات الدولية والحقوقية في اجازة صيفية ولا ينبغي اختيار وقت تكون فيه الساحة الإقليمية او الدولية منشغلة بازمات اقتصادية أو عسكرية لان أنظار الرأي العام العالمي والمحلي تكون منصرفة الى تلك القضايا الساخنة وبعيدة عما يجري داخل السجون، لأن الصدى الاعلامي لا بد أن يكون بجانب مسألة الاضراب من أجل اكسابها الزخم الشعبي والاعلامي. واضراب دون اعلام سيكون ناقصا وقد يؤدي إلى الفشل . واعتقد ان مسألة اختيار الأول من رمضان اثناء الاستعداد للاضراب الأخير مسألة مهمة وصحيحة لأن الأمر حد من تمادي إدارة السجون ووزيرها الارهابي"ازعر التلال"، في المضي قدما في الانقضاض على حقوق الأسرى .
كان من المفترض خوض اضراب مفتوح في بداية شهر رمضان الفضيل بعد ان اقدم وزير "ازعر التلال" على إصدار أوامره لإدارة السجون الى سحب حقوق ومنجزات الحركة الأسيرة أو بالأحرى ما بقي لنا من حقوق، لكن ما أجبر ادارة السجون على التراجع ولو في الوقت الحالي هو الوضع الداخلي المتفجر على الساحة الداخلية في دولة الكيان والمظاهرات التي لا تهدأ ضد هذه الحكومة الفاشية وضد محاولة الانقلاب على القضاء عندهم وبالتالي لم يكونوا معنيين بفتح حرب أخرى في رمضان قد تجر دولة الاحتلال إلى حرب مع غرة وتصعيد خطير مع الضفة. لذلك لابد لنا ان نكون على اهبة الاستعداد لانه تم تأجيل المعركة حسب اعتقادي وبعد رمضان سوف يعودون لسياسة العقوبات فهم مبدعون في نقض العهود ونكث المواثيق التي يقطعونها على أنفسهم.
رهاننا دائما على ابناء شعبنا وامتنا في اي انتصار على العدو في معركة الأمعاء الخاوية لانه السلاح الاستراتيجي الأخير الذي لا يجوز ان يفشل أبداً ومعركتنا لا زالت مستمرة حتى وإن خفتت نيرانها مؤقتاً.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024