الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القمم تنتصر لفلسطين

نشر بتاريخ: 2022-12-13 الساعة: 11:06

 عمر حلمي الغول

 


كانت مشاركة دولة فلسطين ممثلة بشخص الرئيس أبو مازن والوفد المرافق في القمة العربية الصينية يوم الجمعة الماضي الموافق التاسع من كانون 1 / ديسمبر الحالي محل تقدير وتثمين من الأشقاء العرب والأصدقاء الصينيين. لا سيما أن الرئيسين الفلسطيني والصيني التقيا ثنائيا، وتناولا القضايا المشتركة، وتم التوقيع الفلسطيني على مبادرة "الحزام والطريق" بهدف تعزيز التبادل التجاري، وتعزيز التعاون في مجالات الحياة المختلفة. فضلا عن تقدير القيادة الفلسطينية لجهود الرئيس شي جين بينغ في دعم كفاح الشعب الفلسطيني على كافة الصعد والمستويات، وتثمين مبادراته الإيجابية لتحقيق السلام، ودفع عربة التسوية السياسية للأمام عبر التبني الجاد والحازم لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وتأكيد القيادة الصينية على توسيع وزيادة الدعم للشعب الفلسطيني، ورفع وتحسين مستوى المعيشة بين أوساطه الاجتماعية المختلفة، أضف إلى إبداء الاستعداد لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لتتمكن من تأدية مهامها الإنسانية في خدمة احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في أقطار اللجوء.

كما أن القمة شكلت منبرا مهما لرئيس منظمة التحرير أولا في طرح رؤيته الوطنية، التي سلطت الضوء هذه المرةعلى نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وما نجم عنها من صعود للفاشيين الجدد، أمثال سموتريتش وبن غفير، والآثار المترتبة عليها في التصفية الكلية لعملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وغياب كلي لأي شريك إسرائيلي، بالتلازم مع تأبيد الاستيطان الاستعماري، وانعكاس ذلك على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. خاصة أن آلة الموت والإرهاب الصهيوني المنظم أمست في حالة انفلات وحشي نازي يستهدف الإنسان طفلا أو امرأة أو عجوزا أو بيتا أو مدرسة أو مسجدا أو كنيسة أو مزرعة، وكل مظهر من مظاهر الحياة الآدمية في فلسطين، مع تعاظمالتنافس بين مختلف القوى الصهيونية في الحكم وخارجه على تعميق عملية التطهير العرقي العنصرية ضد أبناء الشعب الفلسطيني؛ وثانيا في دعوة الأشقاء والأصدقاء الصينيين إلى إيلاء المسألة الفلسطينية الأولوية في اهتماماتهم السياسية والقانونية والدبلوماسية والاقتصادية المالية والثقافية الإعلامية.

وكان لكلمة الرئيس عباس الأثر الهام في توجيه بوصلة البيان الختامي للقمة العربية الصينية، الذي صدر ذات اليوم، حيث اتفق المؤتمرون على وضع القضية الفلسطينية في أعلى أولويات الاهتمام، وتميزت الفقرة الثانية من البيان المتعلقة بقضية فلسطين، أولا بالشمول والتأكيد على مركزية القضية عالميا، وضرورة حلها لإنهاء الظلم التاريخي الواقع على رأس الشعب الفلسطيني على مدار العقود الثمانية الماضية، وثانيا الاهتمام بكل نقطة ومسألة ذات صلة بالقضية والحل السياسي والمسائل الاجتماعية والمعيشية، ثالثا بمطالبة إسرائيل بالتوقف عن سياساتها الأحادية المتغولة على حياة ومصالح الشعب الفلسطيني العليا، والكف عن عمليات الاستيطان الاستعماري، وبطلان ممارساتها وانتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفتح أفق أمام خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، رابعا رفض أي تغيير في القدس العاصمة الفلسطينية، أو على مكانتها التاريخية والدينية والثقافية، خامسا دعوة العالم لعقد مؤتمر للسلام برعاية دولية موسعة وبصلاحيات مؤثرة وكبيرة للتمكن من صناعة السلام، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي فاق عددها الألف قرار حتى الآن، سادسا الدعوة لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

وجميع النقاط تتركز في الآتي: أولا إزالة وإنهاء الاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة؛ ثانيا إفساح المجال لاستقلال الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ ثالثا بطلان ورفض الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الأحادية الرامية إلى تغيير الوضع القائمفي القدس العاصمة الأبدية لفلسطين؛ رابعا التأكيد على ضرورة الحفاظ على المكانة التاريخية والقانونية للقدس الشرقية، وعلى أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية تلك المقدسات وهويتها العربية؛ خامسا التأكيد على دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وضرورة دعمها لتمكينها من الوفاء بولايتها الأممية، وعلى ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باللاجئين، وخاصة القرار الدولي 194؛ سادسا حماية المدنيين الفلسطينيين، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام بصلاحيات ورعاية دولية واسعة ومؤثرة.

ومن نافل القول، إعادة التأكيد على الأهمية التاريخية للقمة العربية الصينية، وهي القمة الأولى بين الطرفين العربي والصيني. وعن أهمية وحساسية اللحظة التاريخية التي عقدت فيها القمم الثلاث. وبالتالي عن الارتدادات الإيجابية على القضية الفلسطينية، إذا ما أخذت مخرجاتها (القمم) طريقها للترجمة والتطبيق.

النتيجة الملموسة كانت فلسطين في قلب القمم والحدث النوعي والاستراتيجي، وخاصة القمة العربية الصينية، وهي التي جمعت القادة العرب وممثليهم مع الزعيم الصيني شي جين بينغ في العاصمة السعودية الرياض. ويبقى على جهات الاختصاص المتابعة لحصد النتائج وثمار القمم سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا واقتصاديا وماليا وثقافيا وتربويا وصحيا.

oalghoul@gmail.com

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024