الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مذبحة الطنطورة.. اسرائيل في سيرتها الأولى

نشر بتاريخ: 2022-12-11 الساعة: 13:05


باحث إسرائيلي يدعى "تيدي كاتس" قدم في أواخر تسعينيات القرن الماضي، رسالة ماجستير لجامعة حيفا، كشف فيها عن ارتكاب إسرائيل مذبحة مروعة، ضد أهالي قرية الطنطورة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، جنوبي مدينة حيفا، جن جنون المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ضد هذه الرسالة، التي حصلت على علامة عالية (97) وحاربتها بشتى الطرق، واتهمت معدها بمعاداة اليهودية (...!!) فتراجع كاتس عن رسالته خوفا على حياته، لكنه سرعان ما ندم على هذا التراجع، وعاد ليؤكدها موضحا أن المذبحة ارتكبتها قوات لواء "الكسندروني" في الجيش الإسرائيلي عام 48، عام النكبة، مستندا في بحثه إلى 140 ساعة من المقابلات المسجلة مع 135  شاهدا أغلبهم من اليهود، وبعضهم من جنود لواء "الكسندروني" وقد اعترف بعض هؤلاء الجنود بالمذبحة، فيما أنكرها أخرون، بتعصب عنصري، أكد حقيقتها، وحقيقتهم الإجرامية، إذ لطالما يظل بعض القتلة، يحاولون الهرب من حقيقتهم، بالكذب، والادعاء، ونكران الواقع، وبقبح الروح العنصرية ذاتها...!! 

مقابلات تيدي كاتس المسجلة جمعها مخرج سينمائي إسرائيلي هو "الون شفارتز" ووضعها في سيناريو بليغ، ليخرج للعالم فيلم "طنطورة" متحدثا مع كاتس وأخرين من جامعة حيفا، وباحثين أبرزهم المورخ الإسرائيلي "إيلان بابيه" وبعض من بقي على قيد الحياة من جنود اللواء "الكسندورني"  ليصادق على رسالة الماجستير التي أنجزها "تيدي كاتس".

لساعة ونصف الساعة، عرض الفيلم وقائع المذبحة، ببعض شهادات الجناة وأخرين قالوا إنهم شهدوا من دفن الضحايا، الذين جاء بهم جنود الجيش الإسرائيلي من قرية الفريديس العربية، وخبراء الخرائط أشاروا إلى منطقة في القرية المنكوبة تدل بما جرى فيها من حفريات، بأنها على الأغلب، المقبرة الجماعية التي دفنت فيها جثث الضحايا الأبرياء، وهي الآن موقف للسيارات، ويقول "تيدي كاتس" هنا ترى هل يعرف الذين يمشون فوق هذه المنطقة، إنما يمشون فوق جثث الضحايا في هذه المقبرة الجماعية..؟؟

ليست مقابلات كاتس وتسجيلاته وحدها ما أكدت حقيقة المذبحة، وإنما هناك وثائق من أرشيف الجيش الإسرائيلي، أشارت إليها، ولكن على نحو مخاتل، وتحت عبارة "كل شيء على ما يرام" وهي العبارة التي قال كاتس حين قرأها بأنها تقشعر الأبدان.

والخلاصة التي على إسرائيل الرسمية، التي حاربت رسالة "تيدي كاتس" وشهادته، أن تعرف أن الدم لا يموت، دم الأبرياء الذي سفح بلا أية مشاعر إنسانية، ولا أي تعقل وسلوك بشري، سيظل هذا الدم راويا، وسيظل صوت كلماته هو الأعلى، لا ليكذب الرواية الإسرائيلية الرسمية فقط، وإنما ليبقى داعيا قضاة الدنيا أن يحكموا بالعدل، لعله يهدأ وينام حتى يوم القضاء الالهي الذي لا يظلم أحدا.

لا يموت الدم، ولا تغيب المذبحة وإسرائيل تواصل تنويعها، وتدفن رأسها في رمال الكذب، والادعاء، والذريعة المصنعة، هربا من حقيقتها التي ما زالت تقطر بدم الفلسطينيين. 

رئيس التحرير

 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024