الرئيسة/  مقالات وتحليلات

في يوم المنتجات الوطنية... والحاجة إلى الدعم والمنافسة

نشر بتاريخ: 2022-11-02 الساعة: 21:15

عقل أبو قرع



مع الاحتفال بـ «اليوم الوطني للمنتجات الوطنية»، والذي أقره مجلس الوزراء الفلسطيني ليكون في الأول من تشرين الثاني من كل عام، تتجه الأنظار والاهتمامات ولو لفترة قصيرة، الى أهمية وجود منتج وطني يتصف بالجودة والفعالية ويستطيع أن ينافس المنتجات الأخرى، المستوردة سواء من الجانب الإسرائيلي أو من الخارج، وفي نفس الوقت يشد الانتباه الى أهمية وجود سياسات عملية توفر لهذا المنتج الذي يستطيع المنافسة الدعم أو التسهيلات المطلوبة.   
ولا يوجد جدال بأن المنتجات الوطنية التي يتم إنتاجها محلياً وبأنواعها، قد تطورت وتحسنت من ناحية الجودة والنوعية ومحاولة التوازن مع منتجات غير وطنية، وأنها قطعت شوطاً من السهل إثباته من خلال الفحوصات أو الالتزام بالمواصفات والشروط المحلية والدولية، ولكن ورغم التقدم واستثمار الكثير من الأموال والكفاءات البشرية والتكنولوجيا من أجل مواكبة المنتجات الأخرى، الا أنها لم تستطع حتى الآن الاستحواذ على أولويات المستهلك الفلسطيني، وبالتالي تبوأ المركز الاول في السوق الفلسطيني، وهذا ينطبق على الصناعات المحلية المختلفة.  
فما زال المستهلك الفلسطيني، أو جزء مهم من المستهلكين الفلسطينيين يقبلون على المنتجات الخارجية بأنواعها، ولا يعتبرون المنتجات الوطنية أولوية، هذا رغم اليوم الوطني السنوي ورغم كل الحملات والنداءات المتكررة من اجل دعم والإقبال على المنتجات الوطنية، وحتى رغم أن هناك منتجات وطنية ومنها الأدوية على سبيل المثال، يتم تصديرها وبنجاح الى دول عديدة في العالم، عربية وغير عربية، وبالتالي لماذا ما زال المستهلك الفلسطيني لا يعطي الأولوية للمنتج الوطني اذا كانت الأسعار متقاربة، وما هي الجهات المسؤولة عن ذلك.
ويتواصل هذا الوضع رغم التوجه الحكومي الرسمي وكذلك الدعوات الشعبية من أجل الابتعاد عن المنتجات أو البضائع الإسرائيلية التي تشكل النسبة الأكبر من إيراداتنا وبالتالي من استهلاكنا، وبالتالي التوجه نحو المنتج الوطني، حيث تبرز صناعات وطنية شكلت معلماً هاماً وتطورت خلال السنوات الماضية، من حيث الجودة والنوعية، ومنها الصناعات الغذائية والصناعات الدوائية، التي لا يمكن للمستهلك الفلسطيني الاستغناء عنهما، وبالإضافة الى صناعات أخرى تتعلق بالإنشاءات والخدمات والتكنولوجيا وغيرهما.
ومن أجل ان ينجح الإقبال على وتشجيع المنتجات الوطنية، فهذا من المفترض أن يبتعد عن الجانب العاطفي الانفعالي الذي نعتاد عليه، وبأن تأخذ إستراتيجية الأولوية للمنتجات الوطنية عدة أمور وجوانب، من أهمها الحاجة الى وجود مرجعية أو إطار وطني يقف ويتابع الاستراتيجية وليس فقط الشعارات التي اعتدنا عليها، وينسق الخطوات، ويدرس الظروف والبدائل، ويحدد المعيقات والمشاكل، ويعمل على وضع الأسس الموضوعية لضمان استمرار الإقبال على المنتج الوطني، وهذا الإطار من المفترض أن يعمل على أرضية الفوائد او الإيجابيات التي يمكن أن تؤدي إليها حملات تشجيع المنتجات الوطنية للناس، سواء على صعيد المستهلك الفلسطيني، أو التاجر أو القطاع الخاص أو القطاع العام.
ومنها كذلك التوجه الى المستهلك أو المواطن الفلسطيني، والذي هو اللبنة الأساسية لنجاح هذه الحملات، كما هو كان وسوف يكون حجر الأساس لنجاح حملات أخرى، في الماضي اأو في المستقبل، هذا المواطن، من المفترض ان يتم التواصل معه وبشكل فعال، سواء من اجل توعيته او إقناعه بأهمية وبفوائد هذه الحملات، وبأن يتم التبيان له أهمية ذلك من النواحي المختلفة، أو حتى إرشاده للبدائل المتوفرة، تلك البدائل التي هو في حاجة اليها، اي البدائل التي يتم تصنيعها محليا، سواء كانت منتجات غذائية او دوائية او مستحضرات تجميل او مواد بناء وإنشاءات او خضار او فواكه وما الى ذلك.
ولكي ينجح المنتج الوطني، ومن ثم يبقى او يستديم كبديل للمنتج الأجنبي، من المفترض ان يكون ذلك على أُسس صحيحة، واهمها التركيز على الجودة او النوعية، اي كفاءة وفائدة المنتج أسوة بالمنتجات المستوردة، وبالإضافة الى الجودة او النوعية، التركيز كذلك على سلامة او على أمان او على عدم خطورة المنتج الوطني، ولتحقيق ذلك كان من المفترض العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتين الصفتين للمنتج الوطني، اي الجودة والسلامة، في أذهان المستهلك الفلسطيني، والتاجر الفلسطيني والمنتج وصاحب القرار.
وهناك كذلك موضوع الأسعار، أو التلاعب بالأسعار، وبدون رقابة أو أخذ الاعتبار لوجود رقابة، سواء من حيث رفعها، أو ربما من حيث تخفيضها وإغراق السوق بمنتجات إسرائيلية مثلا بأسعار رخيصة لإبعاد المستهلك عن المنتجات الوطنية، كما يبدو انه حدث في حالات معينة في الماضي، من خلال إغراق السوق الفلسطيني بالخضار والفواكه الإسرائيلية، والادعاء انه لا يوجد بديل او كمية كافية من الإنتاج الوطني المشابه،  وبالتالي من المفترض ان تعمل الجهات الرسمية والشعبية وبحزم في هذا الصدد لكي لا تحدث عملية إغراق الأسواق وبمنتجات أجنبية مختلفة.
في اليوم الوطني لدعم المنتجات الوطنية، ومن اجل ان تستطيع هذه المنتجات المنافسة، من المفترض ان تعمل كافة الأطراف ذات العلاقة، سواء أكانت جهات رسمية او مؤسسات شعبية، على تشكيل إطار يحوي خبراء ومختصين وناشطين، يعمل على وضع أُسس موضوعية، تكفل الاستمرار والاستدامة والتوسع في حملات تشجيع المنتجات الوطنية وبأن تشمل هذه الأسس توفير البدائل، والتركيز على جودة المنتجات المحلية، ومراقبة الأسعار، وإعطاء الأفضلية للمنتج الوطني، وإجراء الفحوصات المخبرية، والتركيز على مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك ومع التاجر ومع المورد او المستورد، من أجل أن تحتل المنتجات الوطنية المركز الأول عند المستهلك الفلسطيني.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024