الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الأسرى الفلسطينيون.. ظلم سميك الطبقات!!!؟

نشر بتاريخ: 2022-09-06 الساعة: 11:21

 

باسم برهوم


الأسرى هم أحد أهم عناوين الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وجوهر الظلم ينبع من مسألتين، الأولى، أن المشروع الصهيوني بحد ذاته ليس كأي مشروع استعماري آخر، إنه ينكر وجود الفلسطيني، وبالتالي ينكر حقوقه الوطنية في وطنه التاريخي، وخاصة حقه في تقرير المصير ونيل الحرية والاستقلال، انعكاس كل ذلك على الأسرى، هو أنهم في نظر أصحاب هذا المشروع وداعميه "إرهابيون أو مخربون"، ولا ينطبق عليهم القانون الدولي بخصوص أسرى الحرب.
المسألة الثانية، وهي نتيجة للأولى، فهي سياسة ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين، فالدول الغربية الكبرى، جعلت من إسرائيل دولة فوق القانون والمحاسبة، بل وأكثر من ذلك هي، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، تتبنى الموقف نفسه من قضية الأسرى وأسر الشهداء، فهي وبدل أن  تمارس الضغوط على إسرائيل عندما تتحتجز أموال المقاصة الفلسطينية بحجة أن السلطة الوطنية تدفع رواتب لأسر الأسرى والشهداء، فإنها تشترط تقديم المساعدات للسلطة بوقف دفع هذه الرواتب التي تذهب حسب رأيها إلى أشخاص يلحقون الأذى بإسرائيل.
أكثر من مليون فلسطيني مروا بتجربة الاعتقال والأسر الإسرائيلية منذ احتلال إسرائيل للضفة وقطاع غزة عام 1967, أي واحد من كل أربعة فلسطينيين تم اعتقاله لفترات معينة منهم من هو محكوم ثلاث أو أربعة مؤبدات، كل ذلك لأنهم يقاومون الاحتلال الإسرائيلي، وهي المقاومة التي يشرعها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. 
وإذا ما رجعنا لوراء، أي قبل نكبة عام 1948، فإن سلطات الانتداب البريطاني قد اعتقلت وأسرت عشرات آلاف الفلسطينيين منذ أن احتلت فلسطين ومعها وعد بلفور نهاية عام 1917. وفي عام 1936 - 1939، وهي أعوام الثورة الفلسطينية الكبرى اعتقلت السلطات البريطانية أكثر من عشرين ألف فلسطيني، من بينهم قادة الحركة الوطنية، الذين إما اعتقلتهم أو نفتهم إلى جزر معزولة في المحيط.
ولعل أبشع أنواع الاعتقال، الذي ورثته سلطة الانتداب البريطاني لإسرائيل، هو الاعتقال الإداري سيئ السيط والسمعة، وفي إطار نظام الاعتقال هذا يمكن أن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال أي فلسطيني لمدة ستة أشهر من دون أن تقدمة للمحكمة أو أن توجه إليه أي تهمة، ويحق لسلطة الاحتلال التمديد للمعتقل إداريا ستة أشهر أخرى وربما يستمر اعتقاله سنوات من دون أي محاكمة. هذا النمط من الاعتقال يمكن أن يمارس على الشاب الفلسطيني، وعلى كبار السن والأطفال والنساء على حد سواء، وهناك أمثلة كثيرة عن اعتقال أطفال فلسطينيين لسنة أو سنتين وحتى ثلاث اعتقالا إداريا.
وتستخدم سلطة الاحتلال زيارات أهالي الأسرى لأبنائهم المعتقلين ورقة ابتزاز سياسي وإنساني، وهي بالمناسبة زيارات يكفلها القانون الإنساني، ويمثل هذا الابتزاز أحد أوجه سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني وهي بالمناسبة سياسة موروثة من الانتداب البريطاني، فالمنطق الاستعماري هو ذاته منذ أكثر من مائة عام. وغالبا ما تمثل سياسة منع الأهالي نوع من أنواع التعذيب النفسي للأسرى التي تمثل زيارات الأهل لهم المتنفس الوحيد في عتمة سجنهم الطويل، وتعذيب لذويهم.
وفي معتقلات الاحتلال يقبع اليوم أكثر من خمسة آلاف أسير منهم الأطفال والنساء، وهذا الرقم متحرك باستمرار حيث يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي يوميا باعتقال عشرات الشبان من مدن وقرى ومخيمات الضفة، فلا يكاد صباح يمر دون أن نقرأ في الأخبار عن سبعة معتقلين هنا وعشرة هناك من شمال الضفة إلى جنوبها مرورا بالقدس.
وإن كانت إسرائيل تتفاخر وتدعي أنها دولة متحضرة لا وجود لحكم الإعدام فيها، فإن ما يلجأ إليه جيش الاحتلال، ضمن سياسة ممنهجة، هو إعدام الفلسطينيين ميدانيا، وهو ما يعتبر جريمة حرب في نظر القانون الدولي، وخلال العقدين الأخيرين أعدمت قوات الاحتلال أكثر من ألف شهيد. 
والفلسطيني هو في نظر إسرائيل إما طريدا أو أسيرا أو شهيدا، وحتى من منهم ليس ضمن هذه الثلاثية، فإن الشعب الفلسطيني بأكمله، إما يعيش لاجئا مشردا خارج وطنه، أو أنه في معتقل كبير كما هو حال أهلنا في قطاع غزة، أو يخضع لسياسة العقاب الجماعي كما في الضفة الغربية.
ومن الجدير ذكره أن الأسير الفلسطيني محروم من أن يعرف كأسير فما بالك أن يقال إنه مناضل أو مقاتل من أجل الحرية والاستقلال، فهذا الأسير هو ضحية هذا النفاق الدولي وتلك الدول الكبرى التي تعتبر المشروع الصهيوني، المتمثل بإسرائيل اليوم، هو مشروعها الاستعماري الأكثر إبداعا، وفي سياق هذه المعادلة الظالمة وغير الإنسانية فما قيمة الفلسطيني بشكل عام وما قيمة الأسير الفلسطيني في نظر هؤلاء، وضمن هذه المعادلة أيضا فإن من يتحمل مسؤولية الظلم الذي يقع على الأسرى الفلسطينيين إلى جانب مسؤولية إسرائيل هي هذه الدول التي تدعي أنها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعندما يتعلق الأمر بالإنسان الفلسطيني، والأسير الفلسطيني على وجه الخصوص، فهي كالقرود الثلاثة، لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم. وربما أفضل ألا تتكلم.

 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024