الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إلى متى سيبقى تمثيل النساء في الهيئات المحلية ضعيفاً ؟

نشر بتاريخ: 2022-08-23 الساعة: 15:06

 

أشرف حمدان*


تشكل الانتخابات سلوكا حضاريا تمارسه الشعوب لاختيار ممثليها سواء في الهيئات التشريعية أو المحلية أو النقابات المهنية أو الاتحادات أو الأحزاب والفصائل السياسية. أما على صعيد انتخابات الهيئات المحلية، فقد نجحت الحكومة بعد جهود طويلة وضغط من المجتمع الدولي والأوروبي، وبالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية بإجراء الانتخابات في 389 هيئة محلية في الضفة الغربية خلال الأعوام 2021/2022، وهناك بعض الهيئات المحلية لم تتقدم بأي قوائم للترشح سواء في المرحلة الأولى أو الثانية، حيث تولت وزارة الحكم المحلي تعيين أعضاء للهيئات المحلية التي لم يترشح لها أي فرد خلال عام 2022. علما أن الانتخابات المحلية لم تجر في قطاع غزة منذ عام 2007، أما الهيئات المحلية هناك فتدار من قبل أعضاء تم تعيينهم من قبل حماس.

أظهرت نتائج انتخابات الهيئات المحلية في الضفة الغربية؛ أن 21.1% من النساء فزن في عضوية الهيئات المحلية مقابل 79.9% للرجال لعام 2021/2022، ولم تصل النسبة إلى 30% التي تسعى مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية لتحقيقها للنساء، على الرغم من إقرار الأحزاب والفصائل السياسية هذه النسبة في اجتماعاتها السابقة. لربما يعود سبب عدم تعديل قانون انتخابات الهيئات المحلية بناء على طلب المجتمع المدني والمؤسسات النسوية والأحزاب والفصائل إلى أن الأغلبية من المجتمع الفلسطيني وبعضًا من صناع القرار غير مقتنعين بأهمية وجود ووصول النساء إلى مراكز صنع القرار وخاصة في الهيئات المحلية.

أما على مستوى رئاسة الهيئات المحلية، فقد أشارت نتائج انتخابات الهيئات المحلية إلى أن عدد النساء اللواتي ترأسن هيئات محلية هن خمس نساء فقط، في خمس هيئات محلية وهي: بيت لقيا، وبيرزيت، وبيت ليد، ودير العسل الفوقا، والمعصرة، وهن من أصل 389 هيئة محلية جرت فيها انتخابات سواء بالاقتراع أو التزكية. أي أن نسبة النساء بالأرقام قد وصلت إلى 1.3% مقابل 98.7% للرجال خلال عامي 2021/2022.

 وقد أفرزت هذه الانتخابات في الضفة الغربية معطيات متباينة من حيث نتائجها ودلالاتها السياسية وأبعادها المستقبلية شكل المجالس التى أجريت بها الانتخابات، حيث تشكلت مجالس متنوعة بكافة الأطياف مدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر بأحزاب أو فصائل أو كتل سياسية، ساهمت في تغيير المشهد الخاص بالانتخابات المحلية. واذا أردنا فعليا تحقيق تغيير في المجتمع الفلسطيني بقبول النساء في صنع القرار، فلا بد من رفع نسبة مشاركة النساء في هذه المواقع لإقناع المجتمع أولاً بأهمية وجودهن وقدرتهن على المساهمة وتحقيق التنمية، الذي لن يتحقق دون أن تكون هناك إرادة سياسية بأهمية وجودهن بهذه المواقع، وثانياً قانون يضمن وجودهن من خلال (الكوتا 30%)، حيث إن الكوتا مهمة في المجتمعات العربية الأمر الذي يساهم في تغيير النظرة الذكورية بأن المرأة قادرة إن أتيحت لها الفرصة وتم دعمها، وثالثاً وهو أحد أهم العوامل الثلاثة، وهو المتعلق بدعم الرجال للنساء في هذه المناصب، الذي سيساهم في نجاحهن وعدم إفشالهن في إدارة هذه المناصب إن تم ضمان دعمهن من قبلهم.

ورغم الجهود التي بذلت من قبل المؤسسات والمراكز النسوية ومؤسسات المجتمع المدني في بناء وتمكين قدرات النساء خلال السنوات الماضية، فقد لوحظ من نتائج الانتخابات المحلية أن مشاركتهن في عضوية الهيئات المحلية لا تزال ضعيفة في الضفة الغربية، اذ بقيت النتائج كما هي لم تتغير بنفس المعدل 21%، ما يشير الى أن ثقافة وسلوك المجتمع باتجاه قبول وجود النساء في الهيئات المحلية لم تتغير بسبب ارتباطها بالدور الإنجابي والمجتمعي الذي تقوم به بشكل يومي.

كما لوحظ من نتائج الانتخابات المحلية بأن أكثر من نصف المجالس المحلية المنتخبة (162 هيئة محلية) قد تم حسم أمرها من خلال الفوز بالتزكية، وهذ مؤشر على أن التوافق والشراكة بين الناس يبقى خياراً مقبولا لنسبة كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية والتنظيمية وخاصة في الهيئات المحلية ذات التصنيف (ج)، وفي المقابل نجد أن 68% من الهيئات المحلية قامت بالاقتراع ( في 50 هيئة محلية) واختارت أن تجري الانتخابات بدل الاتفاق على المرشحين وتمثل هذه الهيئات والبلديات الكبيرة، التي كان من الصعوبة حسم مقاعدها من خلال العائلة أو العشيرة أو الأحزاب أو التنظيمات أو الفصائل.

 وقد لوحظ من النتائج أيضاً أن هناك ارتفاعا في أعداد القوائم المستقلة التي تقدمت لانتخابات الهيئات المحلية أثناء الترشح للهيئات المحلية، وكذلك أثناء الإعداد لانتخابات التشريعي في كل من الضفة الغربية وقطا غزة خلال عام 2021، قد يعود إلى كون العديد من الأفراد والمرشحين والمرشحات فضلوا المشاركة بقوائم مستقلة على الرغم من انتمائهم التنظيمي والحزبي للعديد من الحركات والتنظيمات والفصائل لضمان الفوز بشكل أكبر لو تم الترشح بقوائم حزبية، وكذلك شعورهم بأن نزول الأفراد بقوائم مستقلة، يضمن وصولهم في ظل رفض عدد من الأفراد للأحزاب والفصائل، وانعكاس الانقسام أيضاً على توجهات وسلوكيات العديد من الأفراد والشباب بالتصويت لصالح الأحزاب، والفصائل، وهذا كان واضحاً وجلياً في انتخابات عدد من النقابات ومجالس الطلبة في عدد من الجامعات.

ومن هنا يمكن القول انه لتحقيق قبول مجتمعي بوجود النساء في أماكن صنع القرار، وفي المناصب غير التقليدية، فإنه من الضروري تعديل بند من بنود قانون انتخابات الهيئات المحلية الحالي لضمان وجود وتمثيل النساء بشكل أكبر في الهيئات والبلديات الكبيرة للوصول الى نسبة 30%، من خلال زيادة الحد الأدني لعدد العضوات في الهيئات المحلية بمقدار عضو واحد في كل هيئة محلية، بحيث يصبح الحد الأدني 3 عضوات في الهيئات المحلية التي يبلغ عدد اعضاؤها (9 أو 11 أو 13 عضو) بدل من عضوتين، والهيئات الكبيرة (15 عضو/ة) يصبح الحد الأدني للعضوات 4 عضوات بدل من 3 عضوات، الأمر سيعمل على رفع نسبة النساء في الهيئات المحلية مباشرة لتصل الى النسبة التي نسعى لتحقيقها، وكذلك ضرورة تغيير نظام الانتخابات من النظام الانتخابي المغلق الى النظام الانتخابي المفتوح، سواء في الإنتخابات التشريعية او انتخابات الهيئات المحلية في كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي سوف يشجع ويدفع الكثيرين للمشاركة في أي انتخابات قادمة سواء كان بالمشاركة أو الترشح بالقوائم لو تم استخدام هذا النظام الانتخابي، لما له من قبول مجتمعي وحرية للمشاركين/ت في اختيار المرشح او المرشحة التي يراها مناسبا، ويعطي الثقة للنظام الانتخابي ويعززه للوصول إلى الديمقراطية والحكم الرشيد، واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب في دولة فلسطين لأي انتخابات قادمة.

* باحث ومتخصص في قضايا النوع الاجتماعي

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024