الرئيسة/  مقالات وتحليلات

في القدس و "قرار رقم 3790"

نشر بتاريخ: 2022-07-21 الساعة: 14:55

 

بقلم: الدكتور عماد عفيف الخطيب


في مقالتي الأخيرة تحدثت عن إدماج أهداف أجندة 2030 في الخطط التنموية الوطنية وتحديد الأولويات بالنسبة لمدينة القدس وللمقدسيين لتعزيز "المنعة المجتمعية" في ظل مخططات التهويد للمكان والأسرلة للثقافة والتعليم، والإندماج الريادي للشباب المقدسي. فقد كانت الحكومة الإسرائيلية قد إتخذت "القرار رقم 3790" في أيار من العام 2018 تحت عنوان "تقليص الفوارق الإجتماعية والإقتصادية التنموية في القدس الشرقية" في ضوء الحاجة "إلى تعزيز قدرة سكان القدس الشرقية على الإندماج في المجتمع والإقتصاد الإسرائيلي بهدف تعزيز المنعة الإجتماعية – الإقتصادية." والقرار هو خطة تنموية خمسية بميزانية إجمالية تصل لحوالي 590 مليون دولار. ركز القرار على قطاعات التعليم والتعليم المهني والعالي، والإقتصاد والتجارة، والتوظيف، والرفاهية المجتمعية، ومنظومة النقل، وخدمات الجمهور، والتخطيط والتسجيل العقاري.

أما ما يتعلق بالتعليم، فإن الخطة تقضي بفرض المنهاج الإسرائيلي "ترغيباً،" وبموازنة سنوية تعادل حوالي 27 مليون دولار بحيث تعمل منظومة التعليم الإسرائيلية على إستقطاب الطلاب المقدسيين وإدماج المدارس غير الرسمية في منظومة التعليم الإسرائيلية. وبالنسبة للشباب فإن التوجه هو تشجيع المتفوقين منهم بالإندماج في الأوساط الإكاديمية الإسرائيلية، وغيرهم في برامج تعزيز مهارات الريادة، وتوسيع برامج التوظيف لهم. وفيما يتعلق بالإقتصاد، فإن القرار يركز على محاور مختلفة، والتي منها زيادة معدلات توظيف النساء من الفئة العمرية 25-64 عاماً بحيث ترتفع النسبة لتشكل حوالي 75% من حجم العمالة، وزيادة نسبة التوظيف للإخصائين الإجتماعيين من القدس الشرقية لتسهيل خطط الإدماج.

وبالنسبة لخطوط النقل العام الوطنية العاملة في القدس الشرقية، فقد تبنى القرار دمج هذه الخطوط مع خطوط النقل الإسرائيلية وما يتعلق بتوحيد الأسعار والتذاكر والبرامج والإنتقال من خط نقل لآخر في نفس المنظومة. كما تضمنت الخطة تحسين البنية التحتية من شوارع ومرافق خدماتية لقطاع النقل في القدس الشرقية. وفيما يتعلق برفاهية المجتمع من برامج وإنشاء للبنى التحتية الترفيهية، فقد خصص القرار ميزانيات للبرامج الثقافية والرياضية والحدائق بما يشمل بناء المرافق العامة المتخصصة في أحياء القدس الشرقية. أما فيما يتعلق بقطاع الصحة، فقد تبنى القرار توسيع خدمات "صناديق المرضي" لتصل لكافة الأحياء، داخل وخارج جدار الفصل، من خلال زيادة ميزانيات الخدمات الصحية.

أفرد القرار قسماً خاصاً يتعلق بالتخطيط الحضري وتسجيل العقارات في القدس الشرقية والذي استند الى قانون التسوية من العام 1969 وتعديلاته. وتم وضع إطار زمني بحيث يتم تسوية 50% من العقارات مع نهاية العام 2021، وتنتهي التسوية بنهاية العام 2025.

ومن المفارقات أنه أثناء الترويج لقرار الحكومة "الأكثر يمينية،" قدمت بلدية القدس مشروعها المقترح لإنشاء "حي عطروت" على أراضي "مطار القدس الدولي،" حيث يشتمل المشروع على 9000 وحدة سكنية وغيرها من مرافق الترفيه والتسوق وعلى مساحة تتجاوز 1،200 دونم. تأخر إعلان المشروع، كما ذكرت الأنباء، بسبب رغبة الحكومة التنسيق مع الإدارة الأمريكية منعاً لأية توترات في المنطقة خاصة في ظل مسار إنشاء "التكتل الأبراهامي" في منطقة الشرق الأوسط.

ما يجري على الأرض، هو تنفيذ خطط القرار 3790 بتسارع، وبما يحقق التهويد والأسرلة والإندماج، وعلى التوازي يتم إطلاق يد الأمن الإسرائيلي للتعامل مع المقدسيين بعنف غير مسبوق تحقيقاً لسياسة العصا والجزرة.

وبالعودة "لخطط التنمية الوطنية،" فإن إدراك حجم التحديات في ظل التسارع الحاصل على الأرض، هو من الأهمية التي لا تحتمل إعادة إستخدام الأدوات نفسها التي ثبت قديماً عدم فاعليتها. أما "منعة المجتمع" فستبقى ضامناً لتعطيل ما يحاك، و"لِيَقْضِىَ ٱللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا."

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024