الرئيسة/  مقالات وتحليلات

يا هلا بكم في ميعار!!

نشر بتاريخ: 2022-05-09 الساعة: 13:39

 

 محمد علي طه


في هذا الصباح الجليلي الطري الناعم الذي تحمل عصافيره وطيوره شوق أهلنا في بيروت وصيدا وصور ومخيمات عين الحلوة وبرج البراجنة والبص، وآهات ذوي القربى في مخيمي اليرموك والكسوة، وسلامات عصفور الجناين من الأخوة في العراق والحجاز وعمان وعدد من الدول الغربية، نعم في هذا الصباح شاهدت الميعاري المرحباني ذا القامة السمراء الطويلة المنتصبة والهامة المرفوعة واقفا على صخرة هضبة "الخرتمانية" ويقول: يا هلا بكم يا جيراننا في كابول وطمرة والدامون والرويس، كما رأيته واقفا على صخرة "التركيب" يؤهل ويرحب بجيراننا القادمين من شعب والبروة ومجد الكروم والشاغور، وشاهدته واقفا على تلة "راس البير" يرحب بجيراننا وأهلنا من سخنين وعرابة ودير حنا وكوكب وسمعته ينادي من "البير الشرقي" ومن بين "المغارتين" يدعو الميعاريين الباقين صامدين في الوطن منتشرين في بلدان كابول وشعب وسخنين وعرابة وطمرة وعبلين وشفاعمرو وحيفا وعكا والجديدة والمكر كي يحجوا الى ميعار ويطوفوا حول أطلالها حاملين أغصان الزيتون وأغصان الزعتر وينشدوا "عليك مني السلام يا أرض أجدادي" ويقدموا لضيوفهم المناقيش الشهية.

يا أهلي وربعي وضيوفي خبروني ماذا تقول زيتونة "وادي بلان" وزيتونة "الحمرا" وزيتونة "السور" في هذه الأيام، وماذا تحكي تينة الحواكير القبلية والكروم الشرقية وماذا تروي مشمشة محمود ولوزة مصطفى وتفاحة علي؟ وماذا تهمس نخلة الجامع وتوشوش عصافير البير عن "اللي جرى وصار" في تلك الليلة المشؤومة من شهر حزيران عندما أجبرونا على مغادرة هذه البلدة الجميلة التي تغازل عيناها الكحليتان راس الناقورة وراس الكرمل؟

أكاد بعد سبعة عقود أسمع ثغاء الغنم والماعز في حظيرة نمر المحمود وحظيرة دار علي سعدى وحظيرة يوسف النمر في حين يجلجل صهيل الخيول في اصطبل الحاج مرعي وقاع دار فياض السليمان، وأكاد أشم رائحة القهوة المهيلة في بيوت ودواوين آل سعدى وآل طه وآل هيبي وآل دغيم وآل الخطيب وآل شحادة وآل عكري وآل علي وآل نمارنة!

تعالوا معي أيها الميعاريون نقف على ضفة البركة ونراقب الفلاحين النشيطين، سمر الوجوه، عائدين من الساحل من موارسهم في "المزارات" و"الهبطات" ويردون مع أنعامهم "بير الصفا" ليشربوا الماء الزلال "لا بشرب من راس العين لا بخلي حالي عطشان". ويقف شاب أسمر على خرزة البير ويغني "ع بير الصفا وردت حليمة، جدايل سمر وأرختهن حليمة، مسعد يللي توخذه حليمة، غنى لو كان يشحذ ع الأبواب". وتسير قافلة الفلاحين عابرة موارس "الغباط" وعيونه العذبة مارة بـ "أم السحالي" ثم "بخلة الشحنة" وراس الزيتون وخلة ابن مصطفى ومراح الغزلان حتى ترتاح في زيتونات ظاهر.

تعالوا معي نشاهد الحاطبات الرشيقات عائدات من "الطبقة" مع عيدان وقرامي السنديان والسريس والبلوط، وحبيبات العرق مثل البلور على الجباه السمراء.

تعالوا نشاهد قطعان الماعز والغنم والبقر ترعى على السفوح وفي الوديان بين مقام أبي الهيجاء وتلة "الجميجمة" ووادي "الحلزون" و "بير الخشب" ونسمع صوت شبابات الرعاة الشجي.

أكاد يا ناس أسمع الزيتونات الباقيات والتينات الحزينات والصبارات العنيدات والرمانة اليتيمة وشجيرات الزعتر والميرمية والقندول والبلان والفيجن العصية على التهجير والعبرنة ترحب بضيوفنا "أهلا بكم في ميعار الباقية في قلوب أهلها وضمائرهم جيلا بعد جيل الى دهر الداهرين".

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024