الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لن ننتظر ... فالوجود غير الصراع على الحدود

نشر بتاريخ: 2022-03-06 الساعة: 14:02

 

 موفق مطر


لن ننتظر انعكاسات الأحداث والحرب الدائرة على تخوم أوروبا الشرقية، والتي قد نشهد تداعياتها على بلدان العالم، كما لن نبارح سدة الحكمة والقرار الصائب المسؤول بانتظار ما ستفرزه تطوراتها ونتائجها، فنحن إما أن نكون بمقام الفاعل المؤثر على الأرض، أو أننا سنتحول إلى مجرد قطاع يتحدد مصيره حسب نتائجها ومصالح المتصارعين. 

سنبقى في دائرة الفعل الوطني، نعزز نضالنا، ومقاومتنا الشعبية السلمية، ونحمي وجودنا في القدس، ونبقي حي الشيخ جراح في صدارة الحدث اليومي، سنبعث كل يوم ألف رسالة للعالم بأن الظلم بدأ هنا  وأن العدل يبدأ من هنا، سنعمل حتى يقتنع العالم أن أصل الشر والبلاء المنتشر في العالم، مسلط علينا منذ أكثر من مئة عام، بعلاماته وشواهده وأفظعها الاحتلال والاستيطان والجرائم ضد الإنسانية والمجازر، والتهجير والتمييز والعنصرية والحملات الدموية علينا المجردة أبدا من الشرعية. 

 لن نهدأ .. ويجب ألا ندع الحروب البعيدة عن أرضنا أو القريبة منها تحتل فضاء بصرنا وسمعنا وحواسنا، وإنما العكس فقد تمنحنا قوة دفع أكثر لأنها تثبت للقاصي والداني صحة مواقفنا، ورؤيتنا، وروايتنا، ومذهب منهجنا السياسي، بأن القرار الوطني المستقل أعظم  وأقوى سلاح إذا امتلكه شعب حر في العالم، وجسدته قيادة حكيمة مخلصة صادقة، فإن هذا الشعب لن يهزم، ولن يفنى، ولن ينكسر، حتى النكبات والنكسات فإنها كالطاقة المولدة للثورة. 

 يعنينا ما يحدث على تخوم  أوروبا الشرقية، لكن يعنينا أكثر وأكثر ما يحدث في الشيخ جراح في القدس، وبيتا في نابلس، وكفر قدوم في قلقيلية، وما يحدث في الجليل والنقب وغزة، والخليل وفي كل بقعة من أرض وطننا.. فإن كان العالم اليوم منشغلا عنا، فنحن لن ننشغل بما يحدث في العالم عن اختراقات الغزاة والمحتلين والمستوطنين الاستراتيجية الخطيرة لأرضنا، وثقافتنا، ومقدساتنا، وتاريخنا  وحاضرنا، ولا مجال أبدا للغفلة عن مخططاته لتدمير أركان مستقبلنا على أرض وطننا، فهؤلاء المتورطون حتى أنوفهم فيما يحدث الآن في أوروبا، يبيتون لنا أمرا فظيعا، لكن الأهم ألا ندعهم يعتقدون أنهم قد فاجأونا. 

نتألم ونتأثر إلى حد البكاء على ضحايا الحروب، وضحايا الدول الاستعمارية المخادعة، على مقدرات  البلاد وبيوت الناس المدمرة، لكن دموعنا لم تجف بعد على ضحايانا الذين سقطوا بفعل المحتل والمستوطن الإسرائيلي العنصري المجرم، على البيوت المدمرة بقوة شغف هائلة بلا حدود لفعل الجريمة عن سابق تصميم وترصد. 

سنبقى في حركة دؤوبة، لا ملل فيها ولا كلل، لإقناع شعوب في القارة العجوز (أوروبا) وفي الولايات المتحدة الأميركية تحديدا أن حكومات بلادهم وريثة المنهج الاستعماري تكيل حقوق الشعوب في تقرير مصيرها بمكيالين، واحد للأوروبي الأشقر، أو للأميركي من ذات الأصول، والآخر للشعب الفلسطيني والعرب ولذوي البشرة القمحية والسمراء من أبناء آدم في قارات الأرض!. 

 

قد لا يكون مهما أن يكون الحدث الفلسطيني في صدارة نشرات الأخبار، لأن الأهم بالنسبة لنا مراكمة أحداثنا الوطنية على أرضنا، حتى تصبح ذروتها أعلى من ذروة أي حدث في العالم، فنحن نصنع الحدث الوطني من أجل شعبنا، وانتزاع حقنا التاريخي والطبيعي، وبإمكاننا صنع أثير نخترق بمنطقه ومهنيته وأخلاقياته وإنسانيته أثير العالم في هذه الأيام الواقع تحت سلطة عالمية لا تفيض بالنزاهة والحرية والحق في الرأي والتعبير وحقوق الإنسان عندما تشاء، وتصبح كالبئر الجافة لا تسمع منها إلا صدى الأصوات النشاز ليس المخالفة تماما للمعروف والمألوف وحسب، بل لقيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والمساواة وغيرها من المصطلحات النبيلة، فاستغلوها كغطاء في أقذر عملية تسلل إلى عظام ومراكز عصب الشعوب والدول. 

لا بد من القول إننا سنفلح إذا أدركنا وآمنا بأن كفاحنا ونضالنا هدفه انتزاع حقنا التاريخي في أرض وطننا فلسطين، وأننا في تحد عظيم على الوجود، وأن يحدث في العالم صراعات دموية لكن على النفوذ والحدود. 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024