الرئيسة/  مقالات وتحليلات

شهادة تلاميذ المسيح

نشر بتاريخ: 2022-02-27 الساعة: 12:34

 

موفق مطر


كفاحنا ليس دينيا، فنحن نناضل من أجل انتزاع حقنا التاريخي والطبيعي في أرض وطننا فلسطين، لكن المؤمنين برسالات السماء، وحكمة الفلاسفة، وشرائع الأمم الحضارية والقوانين المجردة من نزعة المصالح والرغبات، يعرفون أن الظلم والعنصرية والاحتلال والتهجير والاستيطان والمجازر واغتيال مبادئ الحرية التي ولد وفطر عليها أبناء آدم وحواء جرائم بحق الإنسانية تقتضي الانتصار بالفعل للمظلوم، دون النظر إلى عقيدته  أو عرقه أو جنسه أو لونه فالجميع سواسية في قوانين السماء والأرض. 

عملت منظومة الصهيونية العنصرية ليس على تحريف وتزوير التاريخ واختلاق المبررات لظلمها في الزمن الحاضر وحسب، بل على اختراق كيانات أتباع العقائد السماوية، في كل مكان استطاعت الوصول إليه، بمساعدة قوى استعمارية وريثة لمستخدمي الدين في الحملات الاستعمارية الدموية، لكن الحق لا يغلبه باطل حتى لو سعى الظالمون لحجب بصر وبصيرة المؤمنين برواياتهم المضللة.. وهذا ما أكده حوالي نصف مليون مؤمن ينتمون لـ 3700 كنيسة عندما وقع ممثلوهم رؤساء الكنائس المنتشرة ما بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا على رسالة تعتبر سياسات وأفعال وأعمال إسرائيل التميزية ضد الشعب الفلسطيني متفقة مع التعريف الدولي لجريمة الفصل العنصري.. ما يعني أن منظومة الاحتلال الإسرائيلي بتقديرهم وتقييمهم "دولة فصل عنصري".. وبهذه الرسالة التاريخية، يبدأ المؤمنون بتطهير المسيحية  من رجس الصهيونية العنصرية التي حاولت جعل مسار المؤمنين المسيحيين يتطابق مع مسار الظلم والعنصرية والجريمة ضد الإنسانية عندما شكلوا أجساما مشوهة تحت مسمى "المسيحية الصهيونية" وإنشاء كنائس تضليلية خادمة للمشاريع الاستعمارية كامتداد للمشاريع الاستعمارية المرفوعة على شعارات ويافطات دينية ومصطلحات مقدسة! ونعتقد أن الأبرز في رسالة تلاميذ المسيح إعلانهم  رفض: "استخدام الكتاب المقدس لتبرير أي نظام تمييز أو قمع أو انتهاك لكرامة أي شخص" ما يبشر بنهضة حقيقية تحرر الكنائس المسيحية من نفوذ المنظومة الصهيونية التي باتت أشبه بتنظيم سري غير ملموس عمل ومازال يعمل على تحويل الكنيسة على تنوع  أسمائها وأتباعها إلى قواعد خلفية خادمة لسياسات حكومات أمنت فيها المنظومة الصهيونية مراكز قوى نافذة قادرة على أخذ القرارات بعيدا عن مصالح الشعوب ومبادئ المؤمنين. وبرفض المؤمنين تلاميذ المسيح استخدام الكتاب المقدس وتوظيفه لخدمة العنصريين المستبدين والظالمين، سنشهد صحوة تعيد للمؤمنين المعنى والمفهوم الحقيقي لعدالة الله المطلقة الشاملة لجميع  الناس. 

لا يمكن لمؤمن بعدالة الله أن يشهد الظلم بحق الانسان ويصمت، فالصمت خطيئة أيضا، أما الانتصار لحق الانسان الطبيعي في الحرية والكرامة والعدالة، فهو المبدأ الناظم والمعيار الدقيق للمؤمن، فالمؤمن القوي الذي لا يشوب إيمانه ضعف، ويعمل لرفع الظلم عن الناس المسلوبة حريتهم وبيوتهم وأرضهم، والمحرومين من وطنهم، فقد سجل رؤساء كنيسة تلاميذ المسيح في رسالتهم التاريخية شهادتهم: "أن استمرار الاحتلال، والحرمان من الحقوق، والظلم الذي يتحمله الفلسطينيون لا يتوافق مع فهمنا لرؤية الله للعدالة لجميع الناس، وبالتالي فهو خطيئة". 

نحن الشعب الفلسطيني لم نبدع مصطلح الأرض المقدسة، ولم نبدع المقام المقدس للقدس وبيت لحم، فأرض فلسطين وليس أرض إسرائيل هي المقدسة عند المؤمنين برسالة السماء، لأن الصهيونية لم تحقق ولو نقطة واحدة في مسار العدالة، بل على العكس تماما، زادت منسوب المعنى المعلوم للظلم والاستبداد والعنصرية الدموية وشرعنتها بقوانين وجسدتها بالجريمة، حتى بات الظلم أحد أهم مظاهر المنتسبين لتنظيماتها الإرهابية حتى بات للظلم دولة، لذا لاغرابة أن نقرأ في رسالة تلاميذ المسيح: "نحن كقادة للكنيسة المسيحية (تلاميذ المسيح) يجب ألا نصمت في مواجهة التغييرات على الأرض والعوامل المنهجية الراسخة الأخرى ويجب أن نشهد على ما نعرفه ونراه.. إن إقرار إسرائيل لقانون الدولة القومية الخاص بها يرفع بوضوح حقوق مواطنيها اليهود على حساب المواطنين العرب". 

علاوة على المواقف السياسية التي أبرزتها رسالة كنيسة تلاميذ المسيح ومنها رفض الربط بين النقد المشروع لقوانين دولة إسرائيل وأفعالها وبين الخطاب المعادي للسامية، ودعوة  الولايات المتحدة إلى ربط مساعدتها العسكرية لإسرائيل بامتثالها لقانون المساعدة الخارجية الأميركية، وذلك لمنع استخدام المساعدات في أعمال انتهاك حقوق الإنسان. 

لم يغفل تلاميذ المسيح إدانة صمت الإدارة الأميركية عن الضم الفعلي لأراضي وممتلكات الفلسطينيين وهدم بيوتهم وإخلاء السكان الأصليين وتوسيع المستوطنات اللاقانونية في الضفة الغربية وإرهاب وعنف المستوطنين. 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024