الرئيسة/  مقالات وتحليلات

اللبن الشرقية في خندق الصمود والمقاومة

نشر بتاريخ: 2022-02-27 الساعة: 12:28

 

باسم برهوم


على طريق رام الله نابلس المتعرجة بين جبال الضفة تقع قرية اللبن الشرقية الوادعة، في الآونة الأخيرة أصبحت هذه القرية ضمن دائرة الاستهداف الاستيطاني المكثف وخصوصا مدرستها الثانوية التي تبعد عن القرية ثلاثة كيلومترات. كل صباح يستفيق أهالي اللبن على رائحة قنابل الغاز المسيلة للدموع وعلى إزعاج قنابل الصوت، مستوطنون مدججون بالسلاح يحاولون منع تلاميذ القرية من الوصول إلى مدرستهم تمهيدا للسيطرة عليها وعلى الأراضي المحيطة بها. أصبحت هجمات واعتداءات المستوطنين شبه يومية يقابلها إصرار من التلاميذ وأهاليهم على الوصول إلى المدرسة وممارسة حقهم الطبيعي في التعلم.

قرية اللبن التابعة لمحافظة نابلس، وتقع جنوبا على مسافة 20 كيلومترا من المدينة، مساحتها العمرانية 150 دونما ولكن مساحة أراضيها تبلغ 12500 دونم وعدد سكانها 2500 نسمة. القرية كباقي المدن والقرى الفلسطينية ضاربة الجذور في هذه الأرض وفي التاريخ، عمرها آلاف السنين، وقدر القرية كما هو حال كل المناطق أنها أصبحت منذ حرب 1967 تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولكن للبن الشرقية قدر خاص أنها أصبحت محاطة بمستوطنتين "معاليه ليفونا"  و"عيلي" اللتين أقامتهما سلطة الاحتلال في النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين بمبادرة من سيئ الصيت والسمعة الصهيوني العنصري المتطرف حنان بورات.

الاعتداءات، التي أصبحت شبه يومية بدأها المستوطنون وجيش الاحتلال مع الأيام الأولى للانتفاضة الشعبية الثانية في خريف عام 2000، ومنذ ذلك التاريخ والقرية تتعرض لاعتداءات على أرضها وزيتونها وبساتينها، ولكن الأخطر هو محاولات الاستيلاء على مدرسة القرية الثانوية ومحاولة تحويلها إلى مدرسة تلمودية تخدم المستوطنين. إلا أن الهدف الأكبر هو الاستيلاء على أراضي القرية، والتي كما أشير أنها تبلغ 12500 دونم معظمها أراضٍ زراعية، مزروعة بأشجار الزيتون والتين واللوز، كما أن هناك أراضي يزرعها أهالي القرية بالحبوب والخضراوات.

وعلى مدار الأيام الماضية تحولت قرية اللبن الشرقية إلى خندق صمود جديد وإلى بؤرة مضيئة من بؤر المقاومة الشعبية الفلسطينية البطلة. وما يميز صمود ومقاومة اللبن أن كل أهالي القرية متضامنون مع بعضهم البعض تماما، يقومون كل صباح بالوقوف صفا واحدا إلى جانب أبنائهم وبناتهم التلاميذ والسير معهم وسط الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت واعتداءات المستوطنين حتى يصلوا إلى مدرستهم.

شعار أهالي اللبن الشرقية بسيط لكنه أصلب من الصخر "لن نركع" ، اللبن تقدم اليوم نموذجا جديدا من نماذج الصمود والمقاومة وهي تقف إلى جانب بيتا وجبل صبيح وكفر قدوم والنبي صالح وفي الشيخ جراح وسلوان في القدس في خندق الصمود الفلسطيني الذي إن سقطت كل الخنادق فهو لن يسقط. إن اللبن الشرقية تدافع عن حقوقها الإنسانية الأساسية البسيطة الحق بالتعليم والحق بفلاحة الأرض وزراعتها والحق بجني المحاصيل والثمار والحق بالعيش بسلام وحرية.

اللبن الشرقية صفحة جديدة مشرقة في كتاب الكفاح الوطني الفلسطيني الطويل والصعب. لنكن جميعنا مع اللبن الشرقية، مع أهلها وتلاميذها، لنكن مع بعضنا البعض موحدين في مواجهة هذا الاحتلال الإسرائيلي العنصري البغيض.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024