الرئيسة/  مقالات وتحليلات

فلم "اميرة": التوريط الذي يتحول الى ورطة

نشر بتاريخ: 2021-11-01 الساعة: 01:25

بقلم / نداء يونس  

يقدم  هذا الفلم الفلسطيني الجديد كاضحية لتمرير مشروع دولة واحدة وتعايش مشترك. هناك ما هو اخطر من فكرة الشك والخيانة في قلب هذا الانتاج العربي المشترك وفي ظل اتفاقيات ابراهام والتطبيع والسعي الى تميبع القضية الفلسطينية تمهيدا لاحتوائها في آخر...
 يفترض الفلم ان الاسرائيلي، حارس السجن، سيبدي تعاطفا مع نسله وان هذا طريق للسلام والتعاطف والاحساس بالاخر الفلسطيني وبالتالي يصبح التنازل عن الذاكرة والحديث عنها والهوية وانتمائها العربي طريقا للحل المفترض وهو بهذا يتماهى مع سياسة فرضت على الفلسطينيين وهي التنازل عن الارض مقابل السلام؛ التنازل الذي قدم خلال 73 عاما على انه الحل؛ التنازل المبرر او التنازل بحكم الواقع وبرعاية دولية؛ التنازل الذي يقدمه الفلسطيني عادة والعربي الآن وليس الاسرائيلي، الذي يمكن تغييره كما يراد ان نفهم: بالعاطفة مقابل هذا الفلسطيني الذي لا يعرف طريقا سوى تفجير نفسه كما فعلت اميرة للتغلب على صدمة الواقع وهو ربط ممتد ومستمر وتاطير مباشر للفلسطيني كمنغلق وغير مرن وارهابي . 
هذا العمل يسعى من خلال الصدمة والتوتر  الى انتاج وخلق لهويات جديدة ولاعبين جدد مختلطون ومتعايشون؛ انه افق جديد يتم تقديم المحتل والسجان فيه كانسان طبيعي في واقع غير طبيعي، وطرح الانسانوية كحل رغم انها لا تؤدي الا الى تذويب الاصلاني الفلسطيني وقضيته واحتوائه/ها في افق الحقائق التي يتم خلقها وتمريرها ضمن خيارات تقدم على انها منطقية وبتضخيم متعمد لفكرة الفلسطيني كخائن وخسيس وهي فكرة استعمارية بدأ الاسرائيليون بترويجها ما قبل النكبة وحتى ما بعد توقيع اوسلو واتفاقيات السلام ويمكن الاتكاء هنا على المنتج الفكري لبار تال واخرين بالخصوص.. 
هذه السينما الجديدة بؤس يضاف الى سلسلة من الممارسات السينمائية السابقة التي تهدف الى تشويش القضية الفلسطينية وطرحها اما كتابع دوني ومتنازل او كسبب للازمات او كحالة غير مفهومة ويمكن حلها بالمال او تحسين الاقتصاد او في اطار ساذج وبسيط جدا، واشتغال اعلامي ودبلوماسي على الارض وفي الواقع الافتراضي لاعادة انتاج الخزان المعرفي للعرب والعالم وللفلسطينيين انفسهم، هذا الخزان الذي يتم استدعاؤه لفهم كل ما يستجد ما احداث تتعلق بالواقع الفلسطيني من قبل المتلقي ايا كان ويستخدم بتحويراته لاقناع المتلقي انه شريك بعملية انتاج المعنى، كما يهدف الى اعادة انتاج المخيال الجمعي للعرب والعالم.
ان هذا العمل اعادة انتاج للواقع يهدف الى تغييره سواء باساليب جديدة تبتعد قليلا عن الاسلوب المتبع والذي يدمج العنف الجسدي والسياسات النكروية اي سياسات الضبط والرقابة والتحكم بالعنف الرمزي الى انتاج الواقع بالعنف الرمزي الصدموي وضمن محمولات خطالبية ولغوية وفي اطار هيمنة ثقافية سواء اعلامية او سينمائية.
مبروك للعرب على هذا المنتج الذي يكتسب شرعية من كونه انتج بايديهم وليس بسينما اسرائيلية ومن خلال فريق في التمثيل والعمل من اصول فلسطينية وهذا ايضا جزء ممنهج من عملية رسم الاطار .
المستقبل عادة هو انتاج افتراضي اولا يتم تطبيعه ليصبح واقعا من خلال التوتر والتحرير العنيف للتوتر والتكرار، انه التوريط داخل النص الذي يتحول الى ورطة في الواقع، هكذا ترتسم المشاهد السينمائية واللغوية وتتم صناعتها وهكذا تتم ادارة فضاء المتخيل الرمزي ليصبح فضاء للهيمنة.
السؤال الرئيس للفلم هو: من اخطر خبانة المراة ام ان يكون والد الطفلة حارسا اسرائيليا لسجن اسرائيلي؟ 
هذا التقابل الذي يطرح بشكل يبدو منطقيا توجيه لعقول المتلقين؛ ان الخيار الجماهيري لاناس يقع مفهوم الشرف بين ارجلهم فقط، غالبا ما سيكون الخيار الثاني، فأي مقاربات توجه مستقَبلا يرتسم من خلال خلق واقع يبني على التناقضات المنطقية التي تقدم كفكر عقلاني؟ 
هذا السؤال يعيد كتابة القضية من خلال تهميش كافة المحاور ذات العلاقة وتقزيمها وتبئير وتضخيم حالة واحدة لكنها لا تضخم ببراءة بل بانتقائية وتبسيط يعيد انتاج السردية الاصلية للفلسطيني ضمن محددات خطابية استعمارية وضمن طرح لخيارات تبدو عقلانية ولكنها تتلاعب بلوغارتيمات التفكير المنطقي للمتلقين.
يقول ونستون تشرتشل ان  التاريخ سيكون رحيما به لانه من سيكتبه!

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024