الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لانها منظمات حقوق انسانية

نشر بتاريخ: 2021-10-24 الساعة: 11:16

 

هلا سلامة*


مرة أخرى يتورط الاحتلال بفضح سياساته المعارضة للشرائع الدولية لا سيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، مثبتا عنصريته تجاه الشعب الفلسطيني في سبيل استكمال مشروعه الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية.

ولأن كل أنواع جرائم العدو الإسرائيلي من القتل والتشربد وهدم البيوت والاعتقالات الجماعية لأكثر من سبعة عقود لم تفلح في محو فلسطين وتاريخها أو استسلام أهلها، فهو يلجأ واهما لتعطيل عمل المجتمع المدني الفلسطيني عن طريق تصنيف ست منظمات حقوقية عاملة فيه بـ "الإرهابية".

بئس يوم يصنف الاحتلال فيه الإرهاب وهو الراعي الأول له وصاحب التاريخ الحافل بجرائم الإنسانية واليوم لمن يقرأ أسماء المنظمات الفلسطينية التي يضعها الاحتلال في خانة الإرهاب ويسعى لمنعها من العمل، يدرك جيدا أن الأخير يتخبط بمكونات المجتمع الفلسطيني كافة، المرأة والطفل والأسير والمزارع وأصحاب البحوث، كلهم فلسطينيون يقضون مضاجع العدو لأنهم بلا شك يشكلون تحديا آخر له.

يتنكر العدو لحقيقة عمل تلك المؤسسات (الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، ومؤسسة الحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء) وغيرها من مؤسسات المجتمع الفلسطيني بأنه انبثق من ضرورة واقع الاحتلال المرير وممارساته العدائية تجاه فلسطين وأهلها فيحاول عبر استخدام قوته حظرها بذريعة الإرهاب !! وهي في الحقيقة تشكل الإحراج الكبير له بفضحها ممارساته محليا ودوليا وتوثيقها لجرائمه اليومية.

لا يعدو قرار الاحتلال إلا فشلا آخر في إثبات ادعاءاته ولعبه دور الضحية أمام المجتمع الدولي الذي من المفترض أنه يتابع استفحال اعتداءاته وخاصة في الآونة الأخيرة على الفلسطينيين وقد تأخر كثيرا في وضع حد لها وحماية الشعب الفلسطيني منها.

قرار الاحتلال يخالف كل الشرائع ويمسك بـ "شريعة الاحتلال" ولا يقيم اعتبارا لكل القوانين الدولية والإنسانية وكل أشكال الديمقراطية المرعية فيها وهو الذي يغرد دائما خارج سرب المجتمع الدولي الذي لا يستطيع حتى اليوم إلزامه بقرار جامع.

لا شك أن قرار الاحتلال سيلقى الطعن والمجابهة من قبل الفلسطينيين أولا فهم لن يرضخوا له أسوة بغيره من القرارات التي يتخذها ضد مجتمعهم علما أنه يعد من أصعبها  تنفيذا فالمسألة تتعلق بالحريات العامة وإبداء الرأي وهذا ما لا يمكن فرضه على الفلسطينيين وأصواتهم التي لا يمكن إخفاتها من كل حدب وصوب ولو وراء قضبان الزنازين التي في الحقيقة هو من يحتمي خلفها من آلاف أحرار الشعب الفلسطيني. 

وإذ تشكل انتقادات المجتمع الدولي للقرار أهمية في التصدي للاحتلال في تقويضه العمل الأهلي والمدني الفلسطيني فعلى الأخير أن يحفظ ماء وجهه بوقف هذا التعدي السافر على الحريات العامة وحقوق الإنسان ووضع حد لممارسات الاحتلال وانتهاكاته في الأراضي الفلسطينية.

ولعل ما قالته منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بأن تقاعس المجتمع الدولي منذ عشرات السنين عن التصدي للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان شجع السلطات الإسرائيلية على التصرف بهذه الطريقة الفجة" يعكس الحقيقة الثابتة للتعاطي الدولي التاريخي مع إسرائيل بما أعطاها فائضا من القوة بوجه الفلسطينيين أصحاب الحقوق المشروعة على أرضهم وشجعها أكثر فأكثر على ممارسات التنكيل والتمييز العنصري ضدهم.

وإذا كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية قد دعا إسرائيل إلى الاحترام الكامل للحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في التعبير، دون أي تدخل أو مضايقة ضد المنظمات أو موظفيها ، فعلى الأمم المتحدة أن تتحرك على نطاق واسع للضغط على إسرائيل في العودة عن هذا القرار الذي يعريها من مهماتها الأساسية التي أنشئت من أجلها.

أما الإدارة الأميركية التي تصف نفسها بوسيط السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين فمطلوب منها الضغط بوجه حليفها وعدم الاكتفاء بالقلق المبهم والمعلومة الإسرائيلية التي تصب في خانة خطط بسط النفوذ الإسرائيلي على كافة الأراضي الفلسطينية وما تجريد الفلسطينيين من حقوقهم إلا ضمن هذا المخطط ، فلعل رئيس الولايات المتحدة جو بايدن يستجيب للأصوات المعارضة لقرار الاحتلال الجائر ومنهم عضوا الكونغرس بيتي ماكولوم ومارك بوكان اللذان حثا إدارة الأخير على مطالبة الحكومة الإسرائيلية على الفور بالتراجع عن قرارها، واستعادة قدرة هذه المؤسسات على مواصلة عملها المهم والضغط على إسرائيل لإلغاء قرارها الشامل بتصنيف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية كـ "منظمات إرهابية باعتبارها مؤسسات تعمل على إحلال السلام في المنطقة. لانها منظمات حقوق انسانية

---------

* صحافية لبنانية

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024