الرئيسة/  مقالات وتحليلات

منهج حماس لتحويل الوطن إلى مقبرة

نشر بتاريخ: 2021-10-10 الساعة: 12:15

 

موفق مطر


كيف سيفلح مشايخ حماس ورؤوسها في إقناع شباب غزة بأنهم أصحاب (مشروع مقاومة وجهاد) وتدفعهم لتحمل تبعات ومتطلبات الإيمان والعمل بهذا المشروع، فيما الرؤوس ذاتها قد تركت أرض الوطن طوعا، وفضلت الرفاهية في فنادق وفيلات وصرف الملايين في أسبوع على حساب عواصم الإقليم التي يشتغلون لحسابها ويلبون مطالبها وينفذون أجندتها لرفع أرصدة حساباتهم وأرصدة أبنائهم البنكية.. فالجمهور يدرك بحدسه الوطني العالي الحساسية أن تارك أرض الوطن طوعا، والخطيب الدائم عن المقاومة والجهاد في سبيل الله يوجه خطابه لسادته الممولين، ويبعث برسائل تعهد على البقاء في كل المحاور، إلا المحور الوطني، فقد تكفل بتعطيله كحد أدنى، ويبتز من أجل تدميره نهائيا.

ما كان العاقلون في الوطن بحاجة لرؤية مشهد تجمهر آلاف المواطنين في قطاع غزة أمام مقر الغرفة التجارية لتقديم طلبات بغرض الحصول على تصاريح عمل في ( إسرائيل ) لإثبات تقييمهم وأحكامهم بفشل ما تسميه حماس (حكمها الرشيد ) بعد حوالي خمسة عشر عاما على انقلابها والسيطرة على مسارات حياة وعيش المواطنين في قطاع غزة بدون استثناء.

يؤكد سيل الشباب والكهول العارم فشل فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين المسمى حماس في ابتكار حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية لمليوني مواطن في القطاع، أجبروا تحت تهديد السلاح والقمع والتنكيل على التسليم بالأمر الواقع، إلا في حالات استثنائية قليلة قمعت بالحديد والنار مثل ( بدنا نعيش ).

لا نغفل هنا تذرع حماس بالحصار الأمني والاقتصادي الإسرائيلي لتبرير المشهد، مع إصرار رؤوسها على نفي مسؤوليتهم المباشرة، وتعمد إغفال النظر بأسبابه، لكننا هنا نسلط الضوء على دائرة فشل ذريع مريع أكبر وأهم من دائرتي القضايا الاقتصادية والاجتماعية، فالمشهد شهادة سقوط لمشروع حماس الإخوانية ليس في الحكم وحسب كما حدث لباقي فروع الإخوان المسلمين في أقطار عربية أحدثها في تونس والمغرب، بل في إقناع الجماهير بمشروع الجهاد والمقاومة وتهيئة أسباب الصمود والحاضنة الجماهيرية، إذ ثبت للجماهير الفلسطينية في قطاع غزة أن بعد أربع حروب وآلاف الضحايا ( الشهداء) وعشرات آلاف الجرحى، وعشرات آلاف البيوت المدمرة وإلى جانبها آلاف المنشآت الاقتصادية، أن رؤوس حماس معنيون باستثمار دماء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والصراع مع منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري في مشروع ( خدمات إقليمية ) يؤمن للجماعة وفرعها في غزة حصرا سبل البقاء والاستمرار وتدفق السيولة المالية عبر حقائب يتكفل الشاباك بإيصالها لهم من الخارج، مقابل تجفيف الروح الوطنية للمواطن الفلسطيني، وتهشيم معنوياته، ودفعه للهجرة من الوطن، وهو الهدف الرئيس للصهاينة اليهود والعرب على حد سواء !.

وقال المواطن محمود متولي لـ "الحياة الجديدة" الصادرة أمس السبت: "لم أتوقع في حياتي الوقوف بين هذا الحشد المقدر بآلاف المتكدسين فوق بعضهم البعض، فالموت بين هذه الجموع خنقا أو ضربا أمر متوقع، فالجميع هنا يعيش الرمق الأخير، ويصارع الحياة من أجل كسب لقمة عيشه، التي يعز علينا ألا نجدها في قطاع غزة، فهنا كل شيء تم نهبه وسرقته، العمر والمستقبل والحياة ولقمة العيش، وحتى الابتسامة والحياة الكريمة " أما الحاج سعيد الدقن فقد قال: " أعترف أن البؤس الذي نعيشه في غزة، والظلم والقهر، ليس مبررا لنا للاندفاع بهذا الجنون للحصول على تصاريح عمل، ولكن الفساد والمحسوبية والثراء الفاحش لبعض المسؤولين في غزة، والمميزات التي يحصل عليها أبناء القادة والزعماء في غزة فيما عامة الشعب ترزح تحت خط الفقر، دفعتنا للبحث عن كرامة أطفالنا ولقمة عيشنا بأي وسيلة ".

نعلم أن نيل شهادات النجاح والتقدير والامتياز حق مشروع للفرد، وللمجموعة، وللمؤسسة، وحتى الدولة، ودليل على توفر قدرات عقلية وعملية، لكن رؤوس ومشايخ حماس يصطدمون بهذه القاعدة، عندما يحولون الشهادات المحلية والوطنية والعربية والدولية بسقوط منهج الإخوان وهم فرعهم في فلسطين، وأسلوبهم في الحكم، ودكتاتوريتهم، وتفضيلهم مصلحة الجماعة، حتى لو كان الثمن تدمير مصالح الشعب، وتحويل الوطن إلى مجرد مقبرة لآمال وتطلعات ومستقبل المواطن.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024