الرئيسة/  مقالات وتحليلات

شرط عراقي وحيد للتطبيع مع إسرائيل

نشر بتاريخ: 2021-10-06 الساعة: 12:11

 

هادي جلو مرعي*


واضحة كانت ردات الفعل العراقية الشعبية والرسمية على محاولات التطبيع مع المحتل الإسرائيلي، مع ضرورة عدم الالتفات للراغبين بالتطبيع والمزينين له، والداعين والمحتالين، والذين يظهرون الرفض في العلن، وهم في سرهم راغبون، ويتمنون لو تتسارع الأحداث، ويرغم الجميع بالجلوس مع مغتصبي الأرض، ومنتهكي الحرمات، وحتى لو كان من متاجرين بهذا الرفض فإن الأسباب الموضوعية للرفض لا تزال قائمة، وتتجدد، خاصة مع تحولات السياسة والاقتصاد، وإمكانية حضور الضعف والهوان في جسد الاحتلال مع تقادم الأيام، وتوالي الرفض، وعدم الخنوع عند غالب الأمة التي تعودت المواجهة، وتعلمت الدروس، وتأكد لها أن عدم القدرة على مواجهة الباطل، لا تعني الاستسلام، وإعلان الهزيمة.

سأل عدد من مريدي رجل دين، من لم يكن مستطيعا على مقاومة إسرائيل، فهل يجوز له التطبيع معها؟ فقال: عدم الاستطاعة على الزواج لا تبيح الزنا، وعجزك عن مواجهة الباطل لا يعني الخضوع له والاستسلام، وحتى العمل كحليف، أو شريك كما يفعل من ارتضوا الهوان، أو ظنوا أن مسمى إسرائيل سيحميهم من عدو موهوم صنعوه في مخيلة مريضة وفاسدة، وقد شاهدنا على مدى عقود كيف يواجه الفلسطيني ذلك الاحتلال بالكلمة والرسم، والمقلاع والسلاح، فكان لمحمود درويش شعر يثور ويفجر الكلمة في وجه الغاصب، وكان ناجي العلي يرسم القضية لترسخ في الأذهان والعيون ولم تتوقف ريشته بمقتله بل ظلت تتحرك في وجدان كل مؤمن بتلك القضية العادلة، وكان الشهداء يسقطون ليتحولوا الى نور يضيء دروب الثائرين.

سعت قيادات الكيان الغاصب الى انتزاع الاعتراف بالوطن الوهم من بلدان العالم، وكان لها ذلك، وتمكنت من كسب مواقف الغرب، ولكنها بقيت تتربص بالمواقف العربية، وتتحين الفرص، وتشن الحروب، وتلجأ الى واشنطن في الصغير والكبير من التحديات، واختلقت الأزمات لمرات ومرات وضغطت من الجهات الأربع لتصل الى موقف تطبيعي من هذا الطرف، أو ذاك، وبدأت تنجح، لكنها تريد المزيد وعينها على العراق الذي سجل له التاريخ مواقف نصرة وتأييدا للشعب الفلسطيني، ولم يكن لتغيير الحكام والحكومات وتبدل الأزمان من أثر سلبي على ذلك، بل ومع تنوع القوميات والطوائف فإن الأصوات المناصرة تخرج منها جميعا لتؤكد القرارات والمواقف المناهضة للتطبيع والمهادنة والاستسلام، ولذلك فإن العراق لن يطبع إلا بشرط وحيد لا ثاني له، وهو أن يقوم المحتلون بتسليم فلسطين الى أهلها الشرعيين، ويغادروا هذه الأرض التي ترفضهم، وحينها يمكن أن يعودوا مواطنين يهودا عاديين يمكن أن يعيشوا في الأوطان التي جاءوا منها، لكن أن يتمسكوا بأرض ليست أرضهم فلا والله لا تطبيع، ولا شراء، ولا بيع. قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.

*كاتب عراقي

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024