الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رؤوس حماس في القاهرة .. ماذا عن صبر مصر؟!

نشر بتاريخ: 2021-10-05 الساعة: 11:55

 

 موفق مطر


 نعتقد أن القاهرة لم تسمح بانعقاد اجتماع المكتب السياسي لحماس ورؤوسها الثلاثة على أراضيها من أجل منافسة دولة أو قوى إقليمية ما في احتواء فرع الإخوان المسلمين في فلسطين، وإنما من أجل انتزاع موقف من تحركات مصر في المنطقة وعلى الصعيد الدولي لبلورة وضع سياسي فلسطيني وعربي ودولي جديد يمكن من خلاله الوصول إلى محطة مؤتمر دولي يفضي إلى حل الصراع على أساس الدولتين، وفق رؤية منسجمة مع رؤية القيادة الفلسطينية التي ما انفكت تقدم المبادرات تلو الأخرى، وبمسلكية منفتحة على المبادرات العربية والدولية التي لا تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وتلبي طموحاته وأهدافه المعروفة للجميع، على رأسها قيام دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية ، وتطبيق القرار 194 الخاص بحق العودة وحل قضية اللاجئين، وحرية جميع الأسرى في معتقلات منظومة الاحتلال. 
يستطيع أعضاء وفد حماس قول روايتهم وما يريدون لوسائل الإعلام حول اجتماعاتهم الداخلية في القاهرة، ومحاور اجتماعاتهم مع المخابرات المصرية المكلفة بالحوار معهم، لكن الجمهور الفلسطيني لا ينتظر كلاما مكررا ملت الجماهير سماعه حول قضايا تفصيلية، بينما القضايا الرئيسة الأهم متعلقة بموقف حماس النهائي غير القابل للتحريف والتأويل من المساعي السياسية المصرية، لإعادة تدوير عجلة الحل السياسي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فهذه اللحظة التاريخية عند الشعب الفلسطيني مفصلية ومصيرية، والجميع على مفترق طرق كما حدد الرئيس أبو مازن، والجمهور الفلسطيني ينتظر من الأشقاء المعنيين في مصر الإعلان عما ستؤول إليه محادثاتهم مع حماس، وجوهر النقطة التي وصلوا إليها معهم، ذلك أن رؤوس حماس تعودوا بيع المواقف ذات السقف العالي لأعضاء جماعتهم وأنصارهم، وفشلوا في مناقشة القضايا الوطنية بروح ومنطق الواقعية السياسية. 
يريد الشعب الفلسطيني موقفا صريحا واضحا من حماس، التي لا يحق لها ولا لأي فصيل بعينه تقرير الحرب أو السلم، ذلك أن قرار الحرب والسلم بيد الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فهذه القرارات وطنية بامتياز، سيتحمل مسؤولية تاريخية كل من يقررها منفردا، مهما دعم من جهات خارجية .. ويجب أن يعلم الجميع أن قرار الحرب هو لحماية الوطن، وليس للقتال خدمة لمصالح دول أو قوى خارجية!.   
إن اجتماع المكتب السياسي لحماس في القاهرة يعني قطع الطريق على وفودها للحوار الفلسطيني، الذين كانوا يتذرعون- بعد كل حوار مع القيادة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية- بضرورة التشاور مع رؤوس جماعتهم لإعطاء الموقف من القضايا المطروحة، وهي الذريعة التي كانت فرصة حماس للتملص وتمديد الوقت إلى أمد غير معلوم، قبل أن تفتعل مجموعة أحداث بقصد تمييع مواقفها وتعهداتها أمام القاهرة. 
نعتقد أن صبر القاهرة بدأ ينفد، ونعتقد أن الأشقاء في مصر يلمسون جدية الرئيس محمود عباس فيما طرحه حول المرحلة القادمة التي ستبدأ بعد عام إذا لم تنسحب قوات الاحتلال، وما سيتبعها من متغيرات ستفرض رؤية سياسية وبرنامج عمل وطنيا كفاحيا لمرحلة التعامل مع قرار تقسيم فلسطين رقم 181 للعام 1947 .. ما يعني ضرورة الوقوف أمام المجتمع الدولي بقرار فلسطيني واحد وبرنامج سياسي واحد وجبهة شعبية واحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وما يعني أيضا تنظيم منهج عمل وطني متكامل، وتعبئة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتجنيب الساحة الفلسطينية التعبئة الانفعالية والتحشيد الحزبي الفئوي الذي ما زال مسيطرا في مضمون الخطاب والرسائل الإعلامية، على حساب الخطاب الوطني الشامل، ورسالة الشعب الفلسطيني  القائمة على مبدأ حقه في الحرية والاستقلال بدولة ذات سيادة.  
نأمل أن تنجح القاهرة في وضع رؤوس حماس في درب الالتزام بتعهداتهم، وبتوقيعاتهم السابقة - واللاحقة ربما– وأن تقنعهم بأن الانتماء الوطني يفرض عليهم وضع مصالح الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار، وصدق العمل من أجل خلق مناخ الثقة مع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والقيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، والتوجه بنوايا صافية لخلق حالة وحدوية وطنية، ترتكز على تحديد الأهداف الاستراتيجية للمرحلة القادمة، وتهيئة متطلباتها، وأهمها تنمية الوعي بالانتماء الوطني الذي يكاد يلقى مصرعه تحت ضربات الانتماء الحزبي الفئوي، في حلبة صراع  يتفرج عليها المستعمر العنصري الصهيوني  متشفيا!.   

 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024