الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أدوات الإخوان المسلمين لتفكيك الدولة

نشر بتاريخ: 2021-08-11 الساعة: 22:16


 موفق مطر

  
لو أن البحاثة العرب درسوا عبث (الإخوان المسلمين) بالمجتمعات العربية، وكيفية استهدافهم العمود الفقري للدولة والهوية الوطنية في كل قطر عربي– وهو ما يعنينا هنا في هذا المقام، لخلصوا إلى أننا نحن الشعب العربي الفلسطيني وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية الخاسر الأكبر من عملية التدمير المنظمة الممنهجة البطيئة أحيانا– كاستغلالهم مسارات الديمقراطية في بعض بلدان شقيقة، والسريعة أحيانا كانقلابهم عام 2007 بواسطة فرعهم في فلسطين (حماس) على الديمقراطية الفلسطينية والتداول السلمي للسلطة، وانتهاكهم القانون الأساس للسلطة الوطنية، ومناهضتهم للبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني بعد تعهدهم بالالتزام كشرط لدخول العملية الانتخابية وخوض الحياة الديمقراطية، ومساعيهم لنسف القواعد الناظمة لرفع ركائز دولة فلسطين المعلنة في وثيقة استقلال دولة فلسطين في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسعة عشرة في الجزائر، الوثيقة التي ما زالت حتى اللحظة إلى جانب ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بمثابة الدستور المؤقت لدولة فلسطين.. وعملهم بلا انقطاع على إنشاء منظومتهم (الإمارة أو الدولة الإسلامية) كما أفصح عن ذلك بكل وضوح رؤوس كبار في مركز القرار. 

حرص قادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وحتى اليوم على رؤية العمق الاستراتيجي العربي محصنا بخيارات سياسية شعبية تجسد روح القرار الوطني المستقل الذي ارتضيناه كمنهج سياسي ثابت، إيمانا منا بأن وجودنا التاريخي والطبيعي في الخندق الأول وكفاحنا ونضالنا ومواجهتنا للمشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني لأرض وطننا فلسطين، يتطلب عمقا استراتيجيا عربيا، أي دول عربية محصنة بنظم سياسية يختار شعب الدولة بمشيئة وإرادة حرة شكل الحكم ومضمون النظام والدستور والقوانين، فما يهمنا نحن شعب فلسطين صحة قلب حركة تحررنا الوطنية، فنحن منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة أكدنا في مبادئنا على أنها عربية القلب فلسطينية الوجه، ما يعني وبوضوح لكل مناضل فلسطيني وعربي في مسار التحرر والحرية والاستقلال الارتباط الوثيق بين الدولة العربية وهوية الشعب العربي الوطنية مع دولة فلسطين التي ما زالت حركة التحرر الوطنية الفلسطينية تقود النضال لاستكمال انجاز استقلالها، وهوية الشعب الفلسطيني الوطنية والقومية باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية التي أكدها ميثاق منظمة التحرير كما أكدتها مبادئ حركة فتح. 

أدركت الدول الاستعمارية مكانة الدولة الوطنية وتأثيرها الايجابي المباشر على استقلالية القرار الوطني، وقدرتها على النمو والبناء بوتيرة أعلى وسبل أنجع، وكذلك التحرر من التبعية السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، لذلك سارعت لإنشاء جماعة الإخوان المسلمين، وسربتها في شرايين المجتمع العربي المحافظ تحت مسميات متنوعة! وتم اختيار مراكز تموضعها في نقاط حساسة وإستراتيجية في مشرق الوطن العربي ومغربه، ما يسهل عملية ديمومة السيطرة والتوسع والانتشار والتواصل بين الأصل والفروع القوية والناشئة. 

عملت جماعة الإخوان المسلمين على تخريب عملية رفع قواعد الدولة الوطنية في دول عربية، التي تميزت كل منها عن الأخرى بتجربة نوعية منسجمة مع واقعها الخاص، حتى وإن اختلفت سياساتها العامة وتحديدا الخارجية، وبأكثر دقة تجاه قضية فلسطين، لكنها جميعا من حيث المبدأ كانت متفقة على الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في ارض وطنه فلسطين وحقه في النضال لتحريرها وتحقيق عودة اللاجئين والاستقلال في دولته ذات سيادة. 

قبل عشر سنوات وبعد أربع سنوات على انقلاب فرع الإخوان في فلسطين المسمى حماس شهدنا متغيرات في دول عربية عكست مفهوم الإدارة الأميركية لمعنى "الفوضى الخلاقة" والتي فهمناها نحن المؤمنين بالوطنية الفلسطينية أنها خطة الاستيلاء على حصون الدولة الوطنية، ونخر مؤسساتها الدستورية والخدمية، وتمييع القوانين، وصولا للحظة انهيارها التلقائي، ما يبعد الشبهات عن جماعات الإخوان التي دورت في كل دولة سيطرت على دواليب الحكم فيها أن مسارات الانتقال نحو الديمقراطية تحتاج لسنوات وعقود، وأنها لم تمنح الفرصة لتجسيد مفاهيمها للحكم. لكن هذه الجماعات الحاكمة أو المسيطرة باسم الديمقراطية على السلطتين التشريعية والتنفيذية بذلت المستحيل لاختراق السلطات القضائية، لتلعب في ساحة الفساد والإفساد في أجواء اطمئنان لغياب المحاسبة القانونية، حتى أن بعضهم قد ذهب إلى حد تشكيل مجموعات عسكرية سرية خاصة تابعة للجماعة، ونفذت اغتيالات في أفظع استغلال لانتشار ظاهرة إرهاب (داعش)، إلى جانب استغلال النفوذ في مؤسسات الدولة لتيسير سبل المد والدعم بكل أشكاله وتحديدا البشري للشبكات الإرهابية في بلدان عربية مجاورة أو بعيدة جغرافيا، ما تسبب بإلصاق تهمة مساندة الإرهاب بالدولة وإلحاق الأذى بمصالح مواطني الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي رغم أنهم معروفون بالتسامح والشعب المسالم. 

يتبع.. 

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024