الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بيتا تعيد الحكاية: لن تمروا من هنا

نشر بتاريخ: 2021-06-24 الساعة: 13:41


ملكي سليمان



قبل ثلاثة وثلاثين عاما، كلفني رئيس تحرير مجلة الاسبوع الجديد التي كانت تصدر بمدينة القدس بالذهاب الى قرية بيتا بمحافظة نابلس ضمن مجموعة من الصحفيين المحليين والفرنسيين بهدف اعداد تقرير عن بطولات اهالي القرية ضد المستوطنين وقيام هؤلاء المتطرفين بالاساءة الى اهالي بيتا ما دفعهم الى رد الاعتبار ودحر المستوطنين، ما دفع الاحتلال للانتقام من اهالي القرية وبخاصة شبانها باطلاق النار عليهم بغاية القتل، وأسفرت هذه المواجهات بين أهالي بيتا من جانب، والمستوطنين وجنود الاحتلال من جانب آخر، عن استشهاد واصابة عدد من المواطنين، كان ذلك في بداية عام 1988 اي بعد مرور اقل من عام على بدء الانتفاضة الكبرى عام 1987، توجهنا من مبنى صحيفة الفجر التي كان يترأسها المرحوم حنا سنيورة بسيارة وكالة الأنباء الفرنسية وكان معي مصور فلسطيني من مدينة بيت لحم اسمه (عصام) بالاضافة الى مصور وصحفي فرنسي. إلى أن إلى وصلنا القرية والتقينا بعدد من شبان القرية لاصطحابنا الى منازل الشهداء والجرحى والاسرى والعائلات المتضررة من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال، وأتذكر من بين الاشخاص الذين زرناهم فتى من رعاة الأغنام كان قد عثر على جسم مشبوه تركه جنود الاحتلال فانفجر بين يدي الفتى محدثا تشوها كبيرا في وجهه وبقية انحاء جسمه، وقام رئيس التحرير وقتها بنشر صورته على الغلاف حيث أحدثت ردات فعل كبيرة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، أمضينا يوما كاملا في تلك القرية لما فيها من قصص بطولية تستحق الكتابة والمتابعة الإعلامية، واتذكر اننا ذهبنا إلى أحد البيوت القديمة لإجراء مقابلات مع اسر عدد من شهداء القرية الذين دفنوا بمحاذاة هذا البناء، وكلما قررنا مغادرة البلدة القديمة جاء أحد الشبان ليخبرنا بألا نغادر لوجود حدث كبير (مهم للصحافة)، استمر انتظارنا الى أن انتهى المصلون من أداء صلاة العشاء في المسجد القريب من البلدة القديمة، وبشكل مفاجئ امتلأت الساحة بعشرات الشبان الذين كانوا يمثلون كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وقاموا بعرض عسكري منظم وسط ذهول الناس، لم تتمكن عدسات المصورين وأقلام الصحفيين من التقاط الكثير من الصور والكتابة، سيما وأنها أول صور يتم التقاطها لأول عرض عسكري يقام في المنطقة خلال الانتفاضة الأولى من عام 1987، لان هؤلاء الملثمين كانوا على عجلة من امرهم تحسبا من مداهمة مفاجئة لقوات الاحتلال للمكان ويستشهد المزيد من أهالي البلدة التي كانت فقدت في يوم واحد عددا من الشهداء خلال المواجهات مع المستوطنين واعوانهم من جنود الاحتلال، إذ ان الاستيطان على اراضي بيتا لم يبدأ في (جبل صبيح)، فقد حاول المستوطنون الاستيلاء على عيون وينابيع مياه معدنية في البلدة، وحاولوا الاستيلاء على الكثير من أراضيها لكن اهالي البلدة لهم بالمرصاد منذ سنوات طويلة.
وهدم الاحتلال العديد من منازل القرية انتقاما لمقتل عدد من المستوطنين خلال الانتفاضة الاولى الذين جاءوا الى القرية يريدون التنزه وكأن اراضي القرية (مشاع وحدائق مفتوحة) ولم يكتف هؤلاء بالتنزه وانما حاولوا الاساءة والتهجم على المواطنين الذين اشبعوهم بالحجارة والزجاجات الفارغة. ما دفعني للكتابة عن قرية بيتا اعتقاد بعض الناس ان مشكلة الاستيطان والمستوطنين مع بيتا بدأت في هذه الفترة لانهم لم يعرفوا أو يسمعوا عن بطولات وتضحيات القرية منذ سنوات طويلة لحماية اراضيهم وبلدتهم من غول الاستيطان، فهذه القرية (بيتا) تدفع كل يوم ثمنا باهضا لأجل الأرض والوطن والشعب.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024