الرئيسة/  مقالات وتحليلات

اعدام السلام بالقدس .. كجريمة صلب المسيح

نشر بتاريخ: 2017-12-03 الساعة: 12:42

موفق مطر ستجد الادارة الأميركية نفسها في موضع المخالف للقانون الدولي ، والمساند مباشرة لارهاب الدولة الذي تمارسه دولة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني والتمييز  والابارتهايد (اسرائيل ) ، وتعطل بذلك كل الانجازات التي تحققت في حرب القضاء على  الارهاب حتى الآن ، وستكون كمن يشعل الضوء الأخضر لموجة جديدة – لايعرف مداها - من العنف في فلسطين، والدول العربية المجاورة، وكمن يبرر جرائم وهمجية الجماعات الارهابية التي طالت الولايات المتحدة في سبتمبر قبل ستة عشر عاما وعواصم أوروبا ، وأماكن كثير في معظم دول العالم ، ان قررت فعلا الاعتراف بالقدس بما فيها الشرقية عاصمة لاسرائيل ، او نقلت سفارتها اليها.

ستبدو الادارة الأميركية ان صدقت التسريبات الصحفية كمن يأت بعملية السلام ، ويحملها الى منصة الاعدام ، ويطوق عنقها بحبل المشنقة ، ثم يطيح بجسدها المثخن بالجراح ، فيسجل عليها التاريخ  تسببها بجريمة اعدام السلام ، فيبقى الصراع مفتوحا على مشاهد دامية وكراهية وعدائية ، لاتقل خطورة عن السائد الآن لدى معظم المؤمنين في العالم ، الذين يعتقدون بمسؤولية اليهود المتطرفين وتسببهم بصلب السيد المسيح عيسى بن مريم .

ليس معقولاً ولا مقبولا ألا تقرأ الادارة الأميركية الموقف الثابت للرئيس محمود عباس ابو مازن من قضية القدس ومقدساتها ، فلا اجتهاد ، ولا تفسير ، وانما نص بكل لغات اهل الأرض ، واضح لالبس فيه ابدا وهو : القدس الشرقية عاصمة فلسطين الأبدية ، وهي مفتاح السلام  لمن أراد السلام وعمل لأجله بصدق واخلاص ، ومن ينكر علينا حقنا التاريخي والطبيعي فيها ، ويعمل على تكريس الاحتلال والاستيطان فيها ، ويساهم بتهويدها ، وطمس طابعها العربي ، والمس بمقدساتها ، فانه يكون بذلك قد اختار حربا على مدينة الله ، ولا يمكننا نحن الفلسطينيين ، نحن المقدسيين أهلها ومواطنيها منذ فجر التاريخ الا افتداء مدينة السلام، فلا معنى لحياة الفلسطينيين الحاضرة أوالمستقبلية بدون القدس ومقدساتها .

ربما يعلم رئيس البيت الأبيض، وهذا ما نفترضه بحكم المؤكد ، أن الرئيس محمود عباس قد وضع روحه على كفه ، واشعل الضوء الأحمر بوجه مستقبل عملية السلام عندما تعرض المسجد الأقصى للعدوان قبل بضعة شهور ، وظل -لأيام بلياليها الحالكة ونهاراتها الصعبة المؤلمة - حريصا على ألا تمس الرموز المقدسة ، وحقوق المؤمنين في العبادة بكامل الحرية والشعور بالكرامة ، أما كون القدس هي روح الشخصية  الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني ، والرمز الرئيس لكينونته السياسية ، وهويته الوطنية، وأن الحرية والاستقلال والأمن والاستقرار والسلام في فلسطين والشرق ألأوسط لن يتحقق منها أمر بدون تعود القدس كما كانت دائما عاصمة فلسطين ، فهذا موثق لدى البيت الأبيض حيث نفترض متابعة جهزة الادارة الأميركية المختصة لكل كلمة رسمية تصدرعن قائد حركة التحرر الوطنية ، رئيس الشعب الفلسطيني، ونعتقد أن ذاكرة الرئيس دونالد ترامب قد حفظت جيدا وفي أكثر من مناسبة ماسمعه مباشرة من الرئيس محمود عباس ، ونعتقد يقينا أن ذاكرة مستشاريه والمعنيين بتأمين المصالح الأميركية في الشرق الأوسط ، حريصون على ألا تصاب ذاكرة سيد البيت الأبيض ( بفايروس نتنياهو العدواني ) .

لانريد للولايات المتحدة ألأميركية الخروج على القانون الدولي  والاصطفاف الى جانب دولة الاحتلال اسرائيل ، لأنها بذلك تشجع تمردها على الشرعية الأممية ومواثيقها وقراراتها ، وانما الانحياز الى مبادىء الشعب الأميركي ومصالحة الدائمة ، وقرارات الشرعية الدولية ، فنحن معنيون برؤية عالم  تحفظ فيه القوى الكبرى توازنه ، فنحن كشعب حر قررنا منذ مئة عام ألا نكون الضحية لمصالح القوى الاستعمارية ، وان قوة في العالم مهما امتلكت من جبروت لن ترغمنا على ترك ارضنا او نزع قلبنا وقلب امتنا بايدينا  .

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024