الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رؤية حماس 2021.. ألغام الانقلاب الثاني

نشر بتاريخ: 2021-06-13 الساعة: 01:16


 موفق مطر

لن نسلم القرار الوطني المستقل، لن نقطع رأس منظمة التحرير الفلسطينية وهي الإنجاز السياسي الأهم في تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر ونسلمه لحماس على طبق من ذهب، حتى لو نشرت أوهام  وادعاءات (النصر الإلهي الرباني) في أرجاء الأرض الأربعة، فقادة حماس يعرفون الأنظمة العربية والأجنبية التي ما دعمتهم ومدتهم بكل أسباب القوة إلا لتدمير النصر الأهم للشعب الفلسطيني وهو منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، ويعرفون أن المنظمة وطن معنوي، وكيان سياسي شامل يمثل إرادة كل الشعب الفلسطيني بدون تمييز، وأن القيادة فيها للمؤمنين بالهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، الذين أقسموا على الولاء والانتماء لفلسطين الشعب والأرض والقضية، فشتان مابين من أقسموا  بالولاء والطاعة العمياء لجماعة الإخوان ويعتبرون "فلسطين كقطعة مسواك أو بقعة غير مرئية على خريطة العالم" هم فرع لتنظيم جماعة عصبوية فئوية مذهبية طائفية، وبين من يمثلون إرادة الشعب الفلسطيني وطموحاته وآماله وأهدافه، وألوان طيفه السياسي وقواه الوطنية الحية، ويلتزمون بما أقره ميثاق المنظمة بأن كل فرد من الشعب الفلسطيني عضو طبيعي في المنظمة. 

يظن مشايخ حماس بإمكانية استنساخ تجربة فتح في الوصول إلى المنظمة، لكن يجب أن يعلموا أن معركة الكرامة في 21 آذار 1968 لم تكن جسر فتح إلى المنظمة وتبوء قيادتها بانتخابات المجلس الوطني، وإنما الفكر الوطني لفتح، واعتمادها الشعب الفلسطيني بتاريخه وحاضره ومستقبله وثقافته بلا استثناء المرجع الأول والأخير، ففتح تأسست وانطلقت كحركة تحرر وطنية، معيار الالتزام فيها الولاء والانتماء الوطني والوفاء لقسم الإخلاص لفلسطين، وهذا ما تفتقده حماس ويستحيل تشكله لديها –على الأقل في الفترة المنظورة - ما دامت مرتبطة عضويا بجماعة الإخوان المسلمين، ونعتقد يقينا بقدرة الشعب الفلسطيني على التمييز بين من يعمل لتحقيق أهدافه وآماله بالعودة، وبين من يعمل لصالح مشروع الجماعة ويخدم القوى الإقليمية ويهديها الانتصارات!!.

 ما كانت مشكلة حماس مع رئيس  الشعب  وقائد حركة تحرره الوطنية  ورئيس منظمة التحرير  الفلسطينية محمود عباس أبو مازن وحسب ليطلبوا منه الحضور للقاهرة للمشاركة بالحوار، وليست مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وحسب أيضا، بل مع الكل الوطني الفلسطيني ، فهؤلاء الناكرون أصلا للوطنية الفلسطينية يسعون لتجريد الشعب الفلسطيني وقواه التحررية التقدمية الديمقراطية من الإنجاز السياسي الأهم للشعب الفلسطيني الذي بنيت عليه كل مراحل النضال والكفاح الوطني منذ عام 1964 لحظة الإعلان عن إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، فالكيانية السياسية المرتكزة على الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين للشعب الفلسطيني وعلى ما سبق من ثورات وشواهد مدنية حضارية، سلاحنا الأعظم تأثيرا لكبح المشروع الصهيوني، ومنع تمدده ميدانيا ونظريا على أرض فلسطين، ومقاومة اختراقه للوعي الفردي والجمعي للشعب الفلسطيني وجماهير أمتنا العربية.

يختلف انقلاب حماس في 21 أيار 2021 عن انقلابها في عام 2007 ببعض التفاصيل، حيث تم بالانقلاب الدموي 2007 استدراج منظومة الاحتلال لتدمير مقدرات أجهزة أمن السلطة وقوات الأمن الوطني وإضعاف أدائها، وتعيد الكرة مستقوية بسلاح المقاومة ولكن ليس للاستيلاء على المنظمة وحسب، بل لنسفها تماما واستبدالها بأطر تمنحها مسميات ومهمات هلامية، فيدعو مشايخها لتشكيل "مجلس وطني مؤقت لمدة سنتين" عبر لجنة وطنية " و"تشكيل قيادة وطنية مؤقتة للشعب الفلسطيني من الأمناء العامين تتولى دون غيرها إدارة الشأن الفلسطيني إلى حين الانتهاء من تشكيل المجلس الوطني والهيئات المنبثقة عنه " ثم يريدون "لجنة مصغرة تتابع  الشأن الفلسطيني أولا بأول" !! ما يعني بالنسبة لهم نسف مبدأ الانتخابات والعملية الديمقراطية  سواء للمجلس الوطني أو المجلس التشريعي للسلطة الوطنية، أو حتى الرئاسية التي تركوا  مصيرها مجهولا، ورفض أي فكرة لحكومة توافق أو حكومة وحدة وطنية. فقول يحيى السنوار حرفيا في آخر خطاب أمام  تنظيم جماعته: "ما كان يطرح قبل 21 أيار لم يعد صالحا بعد 21 أيار.. ولن يكون مقبولا علينا" استدعى قرار القاهرة بتأجيل لقاء الحوار الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، لكننا لا نعلم حتى الساعة تداعيات تعمد حماس إفشال مساعي الأشقاء في مصر، وإن كنا على يقين أن الأشقاء المصريين  يدركون تماما لصالح من وضعت الألغام على درب عربة الحوار الفلسطيني والمصالحة.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024