الرئيسة/  مقالات وتحليلات

يوم القينا النكسة على صانعيها !

نشر بتاريخ: 2021-06-07 الساعة: 08:14

موفق مطر  

لم تستطع منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية  المسماة ( اسرائيل ) تحقيق انتصار نهائي حاسم علينا ، فالهزيمة بمعناها الحقيقي نفسية ، ثقافية ، روحية ، وفناء شامل لمقومات الهوية الوطنية ، وتبدد كدخان لهب لصورة امل في المستقبل 

فمازال أمام منظومة الاحتلال الكثير من الحروب المدمرة والمجازر وحملات التخريب المبرمج لوعي الانسان الفلسطيني ، وتوجيه عقله نحو الانحراف والسقوط في هاوية الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع ، والانسياق في المراعي كقطيع بدافع غريزة  الأكل والشرب ، فهذه المنظومة المنبثقة عن اعتى العقول الاستعمارية خلال القرنين الماضيين والمنشأة  بمثابة قاعدة مسلحة متقدمة  تحت اسم دولة اسرائيل منذ 73 عاما ورغم سيطرتها على حوالي 75 من ارض فلسطين التاريخية واستكملتها قبل 54 عاما باحتلال الباقي ( الضفة الفلسطينية بمافيها القدس الشرقية ، وقطاع غزة ) الى جانب اراض لدول عربية في سوريا ومصر ، فإنها وبعد اكثر من مئة وعشرون عاما على مؤتمر بازل الصهيوني 1897 مازالت عاجزة عن تمرير روايتها بألا وجود للشعب الفلسطيني هنا على ارض فلسطين ، وتحقيق الغاية من رواية ارض الميعاد لتجميع اليهود من العالم على تنوع اصولهم العرقية في أرض وطننا فلسطين المحتلة ، فأكثر من نصف تعداد الشعب الفلسطيني مازال متجذرا على ارض وطنه التاريخي والطبيعي ، والباقي مازال يعتقد بيوم العودة ويؤمن به كإيمانه بأن صبح اليوم التالي قريب وستطلع شمسه ، أما رواية أرض الميعاد الكاذبة ( اسرائيل المتخيلة ) كما يقول الباحث الدكتور فاضل الربيعي ، فقد جاء التكذيب من يهود كثر في العالم لا يعترفون بالصهيونية ودولة اسرائيل وحسب بل يعادونهما ويعتبرونهما وبالاً وشؤما على مستقبلهم في الاستقرار والأمان والسلام مع الشعوب التي ينتمون اليها ، فالهجرة اليهودية الى فلسطين وتهجير الفلسطينيين من ارض وطنهم فلسطين كخطين متوازيين  سار عليهما قطار المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري مازال بعيدا وبعيدا جدا عن المحطة النهائية ، والأمر هنا لا يتعلق بخلل مادي أو نقص في الامداد أو التخطيط ، واستخدام مراكز النفوذ والسيطرة في العالم ، وإنما بسبب صمود الشعب الفلسطيني ، ونهوضه وثوراته المتتالية ، وقدرة حركة تحرره الوطنية على تشكيل عمق عربي شعبي استراتيجي ، تجلت ذروته بعد معركة الكرامة في مارس آذار من العام 1967 أي بعد تسعة شهور فقط على حرب الخامس من حزيران من العام 1967 والتي عرفت من بعد ( بنكسة حزيران ) . 

جماهير الشعب الفلسطيني في عكا وحيفا ويافا و غزة و جنين والخليل واللد والرملة والجليل وأم الفحم وفي المخيمات في دول الجوار العربي ، وفي بلاد اللجوء حتى في تلك البلاد البعيدة وراء المحيط برهنت على أن النكسة والنكبة والهزيمة تكون كذلك اذا لحقت بالثالوث المقدس لدى الانسان  العقل والإرادة والانتماء للوطن  ،  فالعقل هو الأب الروحي للايمان، والتفكير واستخلاص العبر والحكمة  ومصدر القوة الدافعة الابداع ، أما الارادة فكانت العامل الأكبر في شفاء نفوسنا من سرطان اليأس والإحباط ، عندما رفضنا كل ماكان مهيئا في واقعنا ومحيطنا لتذويب شخصيتنا الوطنية بالإغراءات ، وكذلك إبقائنا الى الأبد في مخيمات لجوء تحرقنا الشمس وتطمسنا غبار النسيان وتحول الشعب الفلسطيني الى حاضنة ثورة وعمل كفاحي فدائي ، استطاع في فترة وجيزة استنهاض روح  الفداء والمقاومة الشعبية ، فنحت على  قاعدة القرار الوطني المستقل الصخرية مبدأ الانتماء للوطن الذي لو اردنا تحديد منطلقه ومنتهاه لقلنا انه نشأ عند آدم الفلسطيني الأب الأول لشعب فلسطين ، وسيبقى كذلك مادام في الدنيا شعوب وأمم يعتبرون أراض اوطانهم أقدس ما يملكون ، وانها تستحق الجود ولتضحية والجود حتى ولو بالأرواح . 

بإمكاننا القول بكل ثقة أن نكسة حقيقية قد حلت في مفاصل منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية منذ الثامن عشر من ايار الماضي ، عندما هب الشعب الفلسطيني منتصرا لهويته الوطنية ومقدساته ، رافضا نكبة ونكسة جديدة ، وإثباتا لمقولة رئيسه وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس ابو مازن : هنا باقون  وهنا سنكون ولن نكرر خطيئة نكبة ال48 ونكسة ال67"... لقد تحررنا من تداعيات النكسة واستطعنا ردها الى قلوب وعقول صانعيها . 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024