الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القدس..الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية (2-2) انهيار قلاع كرتونية

نشر بتاريخ: 2021-05-19 الساعة: 14:31


بقلم - موفق مطر

ما كان للانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية أن تحظى بهذه القاعة الجماهيرية اللا محدودة في كل ارض فلسطين التاريخية والطبيعة والمخيمات والمحيطين العربي والدولي لولا يقين قيادة ومنا ضلي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بأن التمسك بالمبادئ والقيم والثوابت والأهداف الوطنية هو السلاح الاستراتيجي الأقوى في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني العنصري، ولولا التضحيات بهدف الحفاظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل الذي شكل تربة حاضنة مكنت جذور الهوية الوطنية الفلسطينية من البقاء وإنبات جذوع وأفرع اقوى واصلب من التي التي انكسرت عبر قرن من المواجهة مع اعصار المنظومة الصهيونية المدمر، ورياح سموم بثتها بالتوازي منظومة رسمية عربية مساندة توجت بما يعرف اتفاقيات ابراهام وهو الحجاب الذي اخفى عري المطبعين وتجردهم من اخلاق وقيم العروبة.

الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية التي بعثت الشخصية الفلسطينية الفردية والجمعية كقيامة جديدة، حيث تنبعث الحياة بصورة هي الأرقى والألمع والأوضح والأكثر انسجاما وتكوينا عما سبقها في سالف القرون والأجيال والعقود والسنوات وحتى الأيام، فكل امر لن يكون بعد الخامس عشر من ايار 2021 كما كانت قبله، وفي هذه اللحظة التاريخية الفارقة نعتقد بأن على القوى الوطنية الفلسطينية دون استثناء مسؤولية توازي حجم هذا الميلاد المتجدد لإرادة الشعب الفلسطيني العظيم وإصراره على الحرية والاستقلال وإلحاق هزيمة او انكسارأو انكفاء على الأقل بالمشروع الاستعماري الصهيوني، فاللحظة لا تحتمل إلا الحكمة والشجاعة والصبر والعمل على استشراف طموحات وآمال الجماهيرالفلسطينية في كل انحاء الوطن، وتقييم المرحلة بموضوعية وصدق وإخلاص وتقديم المصالح الوطنية على الحزبية ايا كان لون بيرقها، لإقرار التطويرات على استراتيجية النضال الوطني بعد المتغيرات الثورية الجوهرية على الأرض.

نفترض ان الانطلاقة الثالثة لثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة قد فرضت حظرا ابديا على المناكفات و(علك) المقولات السابقة في الخطابات والمناظرات التلفزيونية والمنابر الاعلامية، وبات مطلوبا من القيادات السياسية والمشتغلين في العلوم السياسية ورواد الكلمة والصورة والسوشال ميديا وكل ذي شأن أن يرتفع الى مستوى الفعل الجماهيري الشعبي، وأن ينتصر للقدس باعتبارها مركز الصراع وروح الشعب الفلسطيني ورمز هويته الوطنية العربية الانسانية، فحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ما غفلت في يوم من الأيام عن هذه القدرات العظيمة الكامنة لدى الشعب الفلسطيني، لذلك عملت على مراكمتها، ومساندتها بانجازات في ميادين الكفاح السياسي والقانوني، حيث مهدت لهذه الانطلاقة الارضية التي تمكنها من التوسع الأفقي والعمودي على ارض الوطن ( فلسطين ) ومحيطها وعمقها الاستراتيجي، ذلك ان الاستقلال والحرية لا ينزلان من السماء كالمن والسلوى، وإنما ينتزعان عنوة من الغاصب اللص المجرم المستعمر الصهيوني العنصري الاسرائيلي.

الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية التاريخية ليس سهلا على من اتبع الأجندات الخارجية، لكن الفرصة متاحة الآن لكل من يريد الالتحاق بقطار الارادة الشعبية المانحة لكل أسباب الحياة والديمومة للفكرة، فليس اكثر من برهان من هذه اللحظات المصيرية التي نعيشها على ان الجعجعة هي اقصى ما يمكن ان تقدمه قوى الاقليم اللاعبة او التي تحاول اللعب بمصيرنا، فهنا في فلسطين برهان أن الشعب الفلسطيني بقواه الحية هو القوة الاقليمية الحقيقية في المنطقة، ما دام المشروع الاستعماري بحملتيه القديمة والجديدة لم تستطع منع صبح يوم الثامن عشر من ايار مايو العظيم من الاشراق على الوطن ودنيا العرب والعالم، والمسؤولية التاريخية الوطنية تقتضي المضي بإطلاق صباحات ايام عظيمة كهذا اليوم حتى لا تبقى ذكرى أحداث يوم الأرض الفلسطينية في الثلاثين من شهر آذار من العام 1976 هي وحدها اليوم الذي يجمع عليه الشعب الفلسطيني للبرهنة على وحدة جذوره التاريخية الحضارية، ووحدة آماله وطموحاته وأهدافه، وتأكيد إيمانه بالمصير المشترك.. والأخذ بيد العالم لتحريره من الهيمنة الصهيونية باعتبارها الأداة الأقوى للدول الاستعمارية، وإعطاء الدليل لكل المعنيين بالانتصار لحقوق الانسان والشرعية الدولية بإمكانية دحر هذه الهيمنة اذا اجتمعت الارادة الدولية وقررت الانتصار لشرفها المنتهك بالاحتلال الاسرائيلي والاستيطان والعنصرية الصهيونية على ارض فلسطين، فالشعب الفلسطيني هنا لا ينتصر لذاته الوطنية وحسب، وإنما لهيبة وكرامة وأخلاق وقوانين الأمم الحرة، اشقاؤنا العرب اولهم، وأصدقاؤنا في العالم.

 اسقطت الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية الايديولوجيات المركبة والمحرفة والمزيفة والشعارات المستوردة، وأعلت بالمقابل العقيدة الوطنية منهجا خالصا طاهرا نقيا من شوائب الاستخدامات اللامشروعة لقضايا الوطن، وأولها وعلى رأسها قضية القدس عاصمة فلسطين الأبدية وعروبتها ومقدساتها، فهذه الجماهير صانعة الانطلاقة الثالثة اليوم باتت الملهم الأول وما على المثقفين الوطنيين إلا صياغة الفعل الشعبي المقاوم في كل مساراته ودفع الساسة لتبني دوافعه وأبعاده وأهدافه لتحويله الى انجازات مادية ملموسة على الأرض، أما غير ذلك فعلينا توقع سقوط الكثير مما كانت تبدو لنا انها قلاع، لكن الانطلاقة هذه اثبتت انها مجرد ديكور كرتوني مقوى اعدت لسيناريو فيلم هوليودي لا أكثر.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024